مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَأَصۡحَٰبُ ٱلۡيَمِينِ مَآ أَصۡحَٰبُ ٱلۡيَمِينِ} (27)

قوله تعالى : { وأصحاب اليمين ، في سدر مخضود ، وطلح منضود } .

لما بين حال السابقين شرع في شأن أصحاب الميمنة من الأزواج الثلاثة ، وفيه مسائل :

المسألة الأولى : ما الفائدة في ذكرهم بلفظ : { أصحاب الميمنة } عند ذكر الأقسام ، وبلفظ : { أصحاب اليمين } عند ذكر الإنعام ؟ نقول : الميمنة مفعلة إما بمعنى موضع اليمين كالمحكمة لموضع الحكم ، أي الأرض التي فيها اليمين وإما بمعنى موضع اليمن كالمنارة موضع النار ، والمجمرة موضع الجمر ، فكيفما كان الميمنة فيها دلالة على الموضع ، لكن الأزواج الثلاثة في أول الأمر يتميز بعضهم عن بعض ، ويتفرقون لقوله تعالى : { يومئذ يتفرقون } وقال : { يصدعون } فيتفرقون بالمكان فأشار في الأول إليهم بلفظ يدل على المكان ، ثم عند الثواب وقع تفرقهم بأمر مبهم لا يتشاركون فيه كالمكان ، فقال : { وأصحاب اليمين } وفيه وجوه ( أحدها ) أصحاب اليمين الذين يأخذون بأيمانهم كتبهم ( ثانيها ) أصحاب القوة ثالثها : أصحاب النور ، وقد تقدم بيانه .