روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِن كَانَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ ثُمَّ كَفَرۡتُم بِهِۦ مَنۡ أَضَلُّ مِمَّنۡ هُوَ فِي شِقَاقِۭ بَعِيدٖ} (52)

{ قُلْ أرأيتم } الخ رجوع لإلزام الطاعنين والملحدين وختم للسورة بما يلتفت لفت بدئها وهو من الكلام المنصف وفيه حث على التأمل واستدراج للإقرار مع ما فيه من سحر البيان وحديث الساعة وقع في البين تتميماً للوعيد وتنبيهاً على ما هم فيه من الضلال البعيد كذا قيل ، وسيأتي إن شاء الله تعالى بسط الكلام في ذلك ، ومعنى { أرأيتم } أخبروني { إِن كَانَ } أي القرآن { مِنْ عِندِ الله ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ } مع تعاضد موجبات الايمان به ، و { ثُمَّ } كما قال النيسابوري للتراخي الرتبي { مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِى شِقَاقٍ } أي خلاف { بَعِيدٍ } غاية البعد عن الحق ، والمراد ممن هو في شقاق المخاطبون ، ووضع الظاهر موضع ضميرهم شرحاً لحالهم بالصلة وتعليلاً لمزيد ضلالهم ، وجملة { مَنْ أَضَلَّ } على ما قال ابن الشيخ سادة مسد مفعولي { رأيتم } وفي «البحر » المفعول الأول محذوف تقديره أرأيتم أنفسكم والثاني هو جملة الاستفهام ، وأياً ما كان فجواب الشرط محذوف ، قال النيسابوري : تقديره مثلاً فمن أضل منكم ، وقيل : إن كان من عند الله ثم كفرتم به فأخبروني من أضل منكم ، ولعله الأظهر .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِن كَانَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ ثُمَّ كَفَرۡتُم بِهِۦ مَنۡ أَضَلُّ مِمَّنۡ هُوَ فِي شِقَاقِۭ بَعِيدٖ} (52)

قوله تعالى : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ( 52 ) سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ( 53 ) أَلاَ إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلاَ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ } .

أي قل لهؤلاء المكذبين الخاسرين يا محمد : أرأيتم إن كان هذا القرآن حقا وأنه من عند الله ثم كفرتم به ، أَفَلَسْتم حينئذ مجانبين للحق ، ومبتعدين عن الصواب ؟

وكيف ترون حالكم وأنتم مبطلون ظالمون ؟ .

قوله : { مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ } أي إذا كانت هذه حقيقة حالكم من المعاندة والغرور والاستكبار عن اليقين فمن إذن أشد ذهابا عن سواء السبيل ، وأعظم بعدا من الطريق الحق المستقيم ؟ أو من هو أشدّ مفارقة لعقيدة التوحيد وأعظم مخالفة لمنهج الله الحكيم ، وبعيدا من الرشاد والسداد ؟ إنه ليس من أحد أضل منكم . وذلك لفرط شقاقكم وعنادكم وتفريطكم فيما أنزل إليكم من الحق الساطع المستبين .