روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{وَلَئِنۡ أَذَقۡنَٰهُ رَحۡمَةٗ مِّنَّا مِنۢ بَعۡدِ ضَرَّآءَ مَسَّتۡهُ لَيَقُولَنَّ هَٰذَا لِي وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةٗ وَلَئِن رُّجِعۡتُ إِلَىٰ رَبِّيٓ إِنَّ لِي عِندَهُۥ لَلۡحُسۡنَىٰۚ فَلَنُنَبِّئَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنۡ عَذَابٍ غَلِيظٖ} (50)

{ وَلَئِنْ أذقناه رَحْمَةً مّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُ } أي لئن فرجنا عنه بصحة بعد مرض أو سعة بعد ضيق أو غير ذلك { لَيَقُولَنَّ هذا لِى } أي حقي استحقه لما لي من الفضل والعمل لا تفضل من الله عز وجل فاللام للاستحقاق أو هو لي دائماً لا يزول فاللام للملك وهو يشعر بالدوام ولعل الأول أقرب .

{ وَمَا أَظُنُّ الساعة قَائِمَةً } أي تقوم فيما سيأتي { وَلَئِن رُّجّعْتُ إلى رَبّى } على تقدير قيامها { إِنَّ لِى عِندَهُ للحسنى } أي للحالة الحسنى من الكرامة ، والتأكيد بالقسم هنا ليس لقيام الساعة بل لكونه مجزياً بالحسنى لجزمه باستحقاقه للكرامة لاعتقاده أن ما أصابه من نعم الدنيا لاستحقاقه له وإن نعم الآخرة كذلك فلا تنافي بين أن التي الأصل فيها أن تستعمل لغير المتيقن وبين التأكيد بالقسم وإن واللام وتقديم الظرفين وصيغة التفضيل { فَلَنُنَبّئَنَّ الذين كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ } لنعلمنهم بحقيقة أعمالهم ولنبصرنهم بعكس ما اعتقدوا فيها فيظهر لهم أنهم مستحقون للإهانة لا الكرامة كما توهموا { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } لا يمكنهم التفصي عنه لشذته فهو كوثاق غليظ لا يمكن قطعه .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَلَئِنۡ أَذَقۡنَٰهُ رَحۡمَةٗ مِّنَّا مِنۢ بَعۡدِ ضَرَّآءَ مَسَّتۡهُ لَيَقُولَنَّ هَٰذَا لِي وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةٗ وَلَئِن رُّجِعۡتُ إِلَىٰ رَبِّيٓ إِنَّ لِي عِندَهُۥ لَلۡحُسۡنَىٰۚ فَلَنُنَبِّئَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنۡ عَذَابٍ غَلِيظٖ} (50)

قوله : { وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي } إذا مَنَّ الله على هذا الإنسان فكشف عنه الكرب والشدة والبلاء ثم أبدله بذلك رحمة منه فوهب له العافية والرزق والراحة والسعة في العيش والرزق { لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي } أي إني أستحق هذا الخير وهذه الرحمة ؛ لأن الله راضٍ عني وعما أعمله ، والصحيح أن ذلك ابتلاء له من الله ، فالله يبتلي عباده بالمحنة والنعمة ليستبين الشاكرون والصابرون من الجاحدين الجزوعين .

قوله : { وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً } ذلك إعلان صريح بالكفر وإنكار القيامة عقب ما أصابه من النعمة بعد انكشاف النقمة ، وذلك دأب الظالمين والغافلين والمستكبرين الذين يتيهون في الأرض غرورا وبطرا وضلالا وقد أعمتهم الغفلة وأضلهم الشيطان عن دين الله وعن لقائه يوم الحساب فأسرفوا في الكفر والتكذيب حتى جحدوا اليوم الآخر ، مع أنهم موقنون أنهم ميتون وأنهم صائرون إلى الزوال والفناء لا محالة . لكنه الضلال والاستكبار والاغترار والغفلة عن سواء السبيل .

قوله : { وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى } يقول الخاسر الظالم لنفسه : ما أحسبُ القيامة قائمة ؛ ولئن قامت ورددتُ إلى الله حيّا بعد الممات فإن لي عنده خيرا من المال والغنى والسعة والعافية ، أو لي عنده الجنة .

قوله : { فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا } ذلك وعيد من الله لهؤلاء الظالمين الخاسرين الذين يتمنون على الله الأباطيل – بأنه مُخْبِرُهم يوم القيامة بما عملوه في الدنيا من المعاصي والسيئات ، وهو سبحانه مجازيهم على ذلك بما يستحقونه من سوء الجزاء وغليظ العقاب في النار .