{ قُلْ أرأيتم } الخ رجوع لإلزام الطاعنين والملحدين وختم للسورة بما يلتفت لفت بدئها وهو من الكلام المنصف وفيه حث على التأمل واستدراج للإقرار مع ما فيه من سحر البيان وحديث الساعة وقع في البين تتميماً للوعيد وتنبيهاً على ما هم فيه من الضلال البعيد كذا قيل ، وسيأتي إن شاء الله تعالى بسط الكلام في ذلك ، ومعنى { أرأيتم } أخبروني { إِن كَانَ } أي القرآن { مِنْ عِندِ الله ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ } مع تعاضد موجبات الايمان به ، و { ثُمَّ } كما قال النيسابوري للتراخي الرتبي { مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِى شِقَاقٍ } أي خلاف { بَعِيدٍ } غاية البعد عن الحق ، والمراد ممن هو في شقاق المخاطبون ، ووضع الظاهر موضع ضميرهم شرحاً لحالهم بالصلة وتعليلاً لمزيد ضلالهم ، وجملة { مَنْ أَضَلَّ } على ما قال ابن الشيخ سادة مسد مفعولي { رأيتم } وفي «البحر » المفعول الأول محذوف تقديره أرأيتم أنفسكم والثاني هو جملة الاستفهام ، وأياً ما كان فجواب الشرط محذوف ، قال النيسابوري : تقديره مثلاً فمن أضل منكم ، وقيل : إن كان من عند الله ثم كفرتم به فأخبروني من أضل منكم ، ولعله الأظهر .
قوله تعالى : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ( 52 ) سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ( 53 ) أَلاَ إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلاَ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ } .
أي قل لهؤلاء المكذبين الخاسرين يا محمد : أرأيتم إن كان هذا القرآن حقا وأنه من عند الله ثم كفرتم به ، أَفَلَسْتم حينئذ مجانبين للحق ، ومبتعدين عن الصواب ؟
وكيف ترون حالكم وأنتم مبطلون ظالمون ؟ .
قوله : { مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ } أي إذا كانت هذه حقيقة حالكم من المعاندة والغرور والاستكبار عن اليقين فمن إذن أشد ذهابا عن سواء السبيل ، وأعظم بعدا من الطريق الحق المستقيم ؟ أو من هو أشدّ مفارقة لعقيدة التوحيد وأعظم مخالفة لمنهج الله الحكيم ، وبعيدا من الرشاد والسداد ؟ إنه ليس من أحد أضل منكم . وذلك لفرط شقاقكم وعنادكم وتفريطكم فيما أنزل إليكم من الحق الساطع المستبين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.