روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{جَنَّـٰتِ عَدۡنٖ مُّفَتَّحَةٗ لَّهُمُ ٱلۡأَبۡوَٰبُ} (50)

وقوله تعالى : { جنات عَدْنٍ } بدل اشتمال ، وجوز أن يكون نصباً على المدح ، وجعله الزمخشري عطف بيان لحسن مآب ، وعدن قيل من الإعلام الغالبة غلبة تقديرية ولزوم الإضافة فيها أو تعريفها باللام أغلبي كما صرح به ابن مالك في التسهيل ، وجنات عدن كمدينة طيبة لا كإنسان زيد فإنه قبيح ، وقيل العلم مجموع { جنات عَدْنٍ } وهو أيضاً من غير الغالب لأن المراد من الإضافة التي تعوضها العلم بالغلبة إضافة تفيده تعريفاً ، وعلى القولين هو معين فيصلح للسان لكن تعقب ذلك أبو حيان بأن للنحويين في عطف البيان مذهبين ، أحدهما أن ذلك لا يكون إلا في المعارف فلا يكون عطف البيان إلا تابعاً لمعرفة وهو مذهب البصريين ، والثاني أنه يجوز أن يكون في النكرات فيكون عطف البيان تابعاً لنكرة كما تكون المعرفة فيه تابعة لمعرفة وهذا مذهب الكوفيين وتبعهم الفارسي ؛ وأما تخالفهما في التنكير والتعريف فلم يذهب إليه أحد سوى الزمخشري كما قد صرح به ابن مالك في التسهيل فهو بناء للأمر على مذهبه .

وذهب آخرون أن عدنا مصدر عدن بمكان كذا استقر ، ومنه المعدن لمستقر الجواهر ولا علمية ولا نقل هناك ومعنى { جنات عَدْنٍ } جنات استقرار وثبات فإن كان عطف بيان فهو على مذهب الكوفيين والفارسي .

ومن الغريب ما أخرجه ابن جرير عن ابن عباس قال : سألت كعباً عن قوله تعالى : { جنات عَدْنٍ } فقال : جنات كروم وأعناب بالسريانية ، وفي تفسير ابن جرير أنه بالرومية ، وقوله تعالى :

{ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الابواب } إما صفة لجنات عدن وإليه ذهب ابن اسحق وتبعه ابن عطية أو حال من ضميرها المستتر في خبر إن والعامل فيه الاستقرار المقدر أو نفس الظرف لتضمنه معناه ونيابته عنه وإليه ذهب الزمخشري ومختصر وكلامه أو حال من ضميرها المحذوف مع العامل لدلالة المعنى عليه والتقدير يدخلونها مفتحة وإليه ذهب الحوفي ، و { الابواب } نائب فاعل { مُّفَتَّحَةً } عند الجمهور والرابط العائد على الجنات محذوف تقديره الأبواب منها ، واكتفى الكوفيون عن ذلك بأل لقيامها مقام الضمير فكأنه قيل : مفتحة لهم أبوابها ، وذهب أبو على إلى أن نائب فاعل { مُّفَتَّحَةً } ضمير الجنات والأبواب بدل منه بدل اشتمال كما هو ظاهر كلام الزمخشري ، ولا يصح أن يكون بدل بعض من كل لأن أبواب الجنات ليست بعضاً من الجنات على ما قال أبو حيان . وقرأ زيد بن علي ، وعبد الله بن رفيع . وأبو حيوة { جنات عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً } برفعهما على أنهما خبران لمحذوف أي هو أي المآب جنات عدن مفتحة لهم أبوابه أو هو جنات عدن هي مفتحة لهم أبوابها أو على أنهما مبتدأ وخبر .

ووجه ارتباط الجملة بما قبلها انها مفسرة لحسن المآب لأن محصلها جنات أبوابها فتحت أكراماً لهم أو هي معترضة .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{جَنَّـٰتِ عَدۡنٖ مُّفَتَّحَةٗ لَّهُمُ ٱلۡأَبۡوَٰبُ} (50)

قوله تعالى : { جنات عدن مفتحةً لهم الأبواب } أي : أبوابها مفتحة لهم .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{جَنَّـٰتِ عَدۡنٖ مُّفَتَّحَةٗ لَّهُمُ ٱلۡأَبۡوَٰبُ} (50)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله تعالى ذكره:"جَنّاتِ عَدْنٍ": بيان عن حسن المآب، وترجمة عنه، ومعناه: بساتينُ إقامة...

وقوله: "مُفَتّحَةً لَهُمُ الأَبْوَابُ "يعني: مفتحة لهم أبوابها...

فإن قال لنا قائل: وما في قوله: "مُفَتّحَةً لَهُمُ الأبْوَابُ "من فائدة خبر حتى ذكر ذلك؟ قيل: فإن الفائدة في ذلك إخبار الله تعالى عنها أن أبوابها تفتح لهم بغير فتح سكانها إياها، بمعاناة بيدٍ ولا جارحة، ولكن بالأمر فيما ذُكر.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

بين حسن المرجع الذي يرجعون إليه حين قال عز وجل: {جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ} أي مقام، يقال: عدن في مكان كذا، أي أقام، كأنه قال: جنات مقام فيها {لا يبغون عنها حولا} [الكهف: 108]

وقال بعضهم: عدن الذي هو وسط الشيء كأنه ذكر أن الجنة عدن، كانت وسط الجنان.

يحتمل قوله: {مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ} أبواب الجنة، يقال لهم: ادخل أي باب من أبوابها شئت على ما يقوله بعض الناس، وجائز أن تكون أبواب كل أحد منهم في الجنة، تكون مفتحة؛ لأن الإغلاق في الأبواب إنما يكون في الدنيا إما لخوف السرق أو نظر الناس إلى أهله وحرمه، وخوف نظر أهله إلى الناس لهذا المعنى تتخذ الأبواب في الدنيا، والغلق والإغلاق دونهم، وليس ذلك المعنى في الجنة لما أخبر أن أزواجهم يكن قاصرات الطرف، لا ينظرن إلى غير أزواجهن.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

إذا جاؤوها لا يلحقهم ذُلُّ الحجاب، ولا كُلْفَةُ الاستئذان، تستقبلهم الملائكةُ بالترحاب والتبجيل.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

اعلم أنه تعالى وصف من أحوال أهل الجنة في هذه الآية أشياء الأول: أحوال مساكنهم، فقوله: {جنات عدن} يدل على أمرين:...

الثاني: كونها دائمة آمنة من الانقضاء...

{مفتحة لهم الأبواب} وجوه:

الأول: أن يكون المعنى أن الملائكة الموكلين بالجنان إذا رأوا صاحب الجنة فتحوا له أبوابها وحيوه بالسلام، فيدخل كذلك محفوفا بالملائكة على أعز حال وأجمل هيئة قال تعالى: {حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين}.

الثاني: أن تلك الأبواب كلما أرادوا انفتاحها انفتحت لهم، وكلما أرادوا انغلاقها انغلقت لهم.

الثالث: المراد من هذا الفتح، وصف تلك المساكن بالسعة، ومسافرة العيون فيها ومشاهدة الأحوال اللذيذة الطيبة...

الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :

إنما قال:"مفتحة" ولم يقل مفتوحة؛ لأنها تفتح لهم بالأمر لا بالمس...

التفسير القيم لابن القيم 751 هـ :

إذا دخلوا الجنة لم تغلق أبوابها عليهم، بل تبقى مفتحة كما هي، وأما النار فإذا دخلها أهلها أغلقت عليهم أبوابها، كما قال تعالى {إنها عليهم مؤصدة} [الهمزة: 8] أي مطبقة مغلقة.

أيضا فإن في تفتيح الأبواب لهم إشارة إلى تصرفهم وذهابهم وإيابهم وتبوئهم في الجنة حيث شاءوا، ودخول الملائكة عليهم كل وقت بالتحف والألطاف من ربهم، ودخول ما يسرهم عليهم كل وقت...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما شوق سبحانه إلى هذا الجزاء أبدل منه أو بينه بقوله: {جنات عدن} أي إقامة في استمراء وطيب عيش ونمو وامتلاء وشرف أصل، ولما كانت من الأعلام الغالبة، نصب عنها على الحال قوله: {مفتحة} أي تفتيحاً كثيراً وبليغاً من غير أن يعانوا في فتحها شيئاً من نصب أو طلب أو تعب، وأشار جعل هذا الوصف مفرداً أن تفتيحها على كثرتها كان لهم في آن واحد حتى كأنها باب واحد.

{لهم} أي لا لغيرهم.

{الأبواب} التي لها والتي فيها.