وبمناسبة ورود هذه الجملة لأول مرة نقول إنها وردت مرارا في آيات مكية ومدنية . وقد قيل : إن عدن مصدر عدن بمعنى أقام إقامة دائمة . وتكون الجملة حينئذ بمعنى جنات الخلود . وقيل : إنها علم على نوع خاص من الجنات الأخروية . وقيل : إن عدن بمعنى الكرم والبستان في السريانية . وقيل : إنها بمعنى وسط الجنة . وليس شيء من هذه الأقوال واردا في كتب الأحاديث الصحيحة ، وليس هناك مأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها .
وقد ذكرت [ عدن ] مرتين في سفر التكوين أول أسفار العهد القديم المتداول اليوم . حيث جاء ذكرها في هذه العبارة : [ وغرس الرب الإله جنة عدن شرقا وجعل هناك الإنسان الذي جبله ] الإصحاح [ 2 ] . وفي هذه العبارة من نفس الإصحاح أيضا : [ وأخذ الرب الإله الإنسان وجعله في جنة عدن ليفلحها ويحرسها وأمر الرب الإله الإنسان قائلا من جميع شجر الجنة تأكل ، وأما شجرة معرفة الخير والشر فإنك لا تأكل منها . إنك يوم تأكل منها تموت موتا ] والعبارة تقتضي أن تكون الكلمة علما على بقعة ما في الكون أو الأرض . ولقد عرف من آثار السبئيين النقشية في اليمن الذين وجدوا وحكموا قبل المسيح بأكثر من ألف سنة وامتد زمنهم إلى الميلاد المسيحي أنه كان في جنوب اليمن منطقة اسمها [ أدنت ] كان فيها نتيجة لنظام الري الذي اهتم له السبئيون وكان من مظاهره خزانات أو سدود كثيرة للماء من جملتها سد مأرب العظيم بساتين وارفة وحقول فيحاء .
ومعلوم أنه يوجد اليوم منطقة ومدينة باسم عدن في أقصى الساحل اليمني الجنوبي الغربي يمتد إلى آماد بعيدة في التاريخ ولا يبعد أن تكون منطقة أدنت هي هذه المنطقة . وأن كلمة عدن الفصحى التي تطلق عليها اليوم متطورة من كلمة أدنت والتقارب اللفظي شديد بينهما . هذا مع التنبيه على أن فحوى الآيات القرآنية التي وردت فيها يفيد أن المقصود من الكلمة جنة أو جنات أخروية . ومن المحتمل كثيرا أن تكون أوصاف جنات منطقة أدنت اليمنية مشهورة متداولة عند العرب قبل البعثة ، فاقتضت حكمة الله تعالى تسمية جنات الآخرة أو بعضها باسمها جريا على النظم القرآني في وصف مشاهد الآخرة بالمألوفات الدنيوية على ما ذكرناه قبل وتبشير المؤمنين الصالحين بذلك للترغيب والتطمين . والإيمان واجب على كل حال بما ورد في القرآن وبكونه في نطاق قدرة الله تعالى وحكمته . والله تعالى أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.