روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَۖ فَٱللَّهُ هُوَ ٱلۡوَلِيُّ وَهُوَ يُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (9)

{ أَمِ اتخذوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء } جملة مستأنفة مقررة لما قبلها من انتفاء أن يكون للظالمين ولي أو نصير وكلام الكشاف يومئ إلى أنه متصل بقوله تعالى { والذين اتخذوا } [ الشورى : 6 ] الخ على معنى دع الاهتمام بشأنهم واقطع الطمع في إيمانهم وكيت وكيت أليسوا الذين اتخذوا من دون الله تعالى أولياء وهو سبحانه الولي الحقيقي القادر على كل شيء وعدلوا عنه عز وجل إلا ما لا نسبة بينه تعالى وبينه أصلاً وإن قوله سبحانه : { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا } [ الشورى : 7 ] الآية اعتراض مؤكد لمضمون الآيتين ، و { أَمْ } على القولين منقطعة وهي تقدر في الأغلب ببل والهمزة ، وقدرها جماعة هنا بهما إلا أن بل على القول الثاني للإضراب وعلى القول الأول للانتقال من بيان ما قبلها إلى بيان ما بعدها ، والهمزة قيل : لإنكار الواقع واستقباحه ، وقيل : لا بل لإنكار الوقوع ونفيه على أبلغ وجه وآكده إذ المراد بيان أن ما فعلوا ليس من اتخاذ الأولياء في شيء لأن ذلك فرع كون الأصنام أولياء وهو أظهر الممتنعات أي بل اتخذوا متجاوزين الله تعالى أولياء من الأصنام وغيرها { فالله هُوَ الولى } قيل : هو جواب شرط مقدر أي إن أرادوا ولياً بحق فالله تعالى هو الولي بحق لا ولي بحق سواه عز وجل ، وكونه جواب الشرط على معنى الإخبار ونحوه .

وقال في «البحر » : لا حاجة إلى اعتبار شرط محذوف والكلام يتم بدونه ، ولعله يريد ما قيل : إنه عطف على ما قبله أو أنه تعليل للإنكار المأخوذ من الاستفهام كقولك أتضرب زيداً فهو أخوك أي لا ينبغي لك ضربه فإنه أخوك .

وتعقب بأن المعروف في مثله استعماله بالواو وإنما يحسن التعليل في صريح الإنكار ، ولا يناسب معنى المضي أيضاً { وَهُوَ يُحْيي الموتى } أي شأنه ذلك نحو فلان يقري الضيف ويحمي الحريم { وَهُوَ على كُلّ شيء قَدِيرٌ } فهو سبحانه الحقيق بأن يتخذ ولياً فليخصوه بالاتخاذ دون من لا يقدر على شيء ما أصلاً .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَۖ فَٱللَّهُ هُوَ ٱلۡوَلِيُّ وَهُوَ يُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (9)

قوله تعالى : { أم اتخذوا } بل اتخذوا أي : الكافرون . { من دونه } أي : من دون الله . { أولياء فالله هو الولي } قال ابن عباس رضي الله عنهما : وليك يا محمد وولي من اتبعك . { وهو يحيي الموتى وهو على كل شيء قدير }

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَۖ فَٱللَّهُ هُوَ ٱلۡوَلِيُّ وَهُوَ يُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (9)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

أم اتخذ هؤلاء المشركون بالله أولياء من دون الله يتولونهم.

"فاللّهُ هُوَ الوَلِيّ": فالله هو وليّ أوليائه، وإياه فليتخذوا ولياً لا الآلهة والأوثان، ولا ما لا يملك لهمّ ضرّاً ولا نفعاً.

"وَهُوَ يُحْي المَوْتَى": والله يحيى الموتى من بعد مماتهم، فيحشرهم يوم القيامة.

"وَهُوَ على كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ": والله القادر على إحياء خلقه من بعد مماتهم وعلى غير ذلك، إنه ذو قدرة على كلّ شيء...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

ثم أثبت الحكم بأنه عز وجل هو الولي الذي تنفع ولايته، وأنه هو الذي يحيي الموتى ويحشرهم إلى الآخرة ويبعثهم من قبورهم، وأن قدرته على كل شيء تعطي هذا وتقتضيه.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

الفاء في قوله {فالله هو الولي} جواب شرط مقدر، كأنه قال: إن أرادوا أولياء بحق فالله هو الولي بالحق لا ولي سواه.

البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ :

{أم اتخذوا من دونه أولياء} أم بمعنى بل، للانتقال من كلام إلى كلام، والهمزة للإنكار عليهم اتخاذ أولياء من دون الله.

وقيل: أم بمعنى الهمزة فقط، حيث جاءت أم المنقطعة، والمعنى: اتخذوا أولياء دون الله، وليسوا بأولياء حقيقة، فالله هو الولي، والذي يجب أن يتولى وحده، لا ما لا يضر ولا ينفع من أوليائهم.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والمراد بالوِلاية في قوْله {أم اتخذوا من دونه أولياء فالله هو الولي}، وِلايةُ المعبودية، فأفاد تعريفُ المسند في قوله: {فالله هو الولي} قصرَ جنس الولي بهذا الوصف على الله، وإذ قد عبدوا غير الله تعيّن أن المراد قصرُ الوِلاية الحَقّ عليه تعالى.

وأفاد ضمير الفصل في قوله: {فالله هو الولي} تأكيدَ القصر وتحقيقَه وأنه لا مبالغة فيه تذكيراً بأن الولاية الحقَّ في هذا الشأن مختصة بالله تعالى. وهذا كلّه مسوق إلى النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين تسلية وتثبيتاً وتعريضاً بالمشركين فإنهم لا يَخلُون من أن يسمعوه.

وعطفُ {وهو يحيي الموتى} على جملة {فالله هو الولي} إدماج لإعادة إثبات البعث ترسِيخاً لعلم المسلمين وإبلاغاً لمسامع المنكرين لأنّهم أنكروا ذلك في ضمن اتخاذهم أولياء من دون الله، فلمّا أُبطل معتقدهم إلهية غير الله أُردف بإبطال ما هو من علائق شركهم وهو نفي البعث، وليس ذلك استدلالاً عليهم لإبطال إلهية آلهتهم لأن وقوع البعث مجحود عندهم. فأما عطف جملة {وهو على كل شيء قدير} فهو لإثبات هذه الصفة لله تعالى تذكيراً بانفراده بتمام القدرة، ويفيد الاستدلال على إمكان البعث قال تعالى: {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه} [الروم: 27] والغرض من هذا تعريض بإبلاغه إلى مسامع المشركين.

ولما كان المقصود إثباتَ القدرة لله تعالى عطفت الجملة على التي قبلها لأنها مثلُها في إفادة الحكم وكانت إفادة التعليل بها حاصلة من مَوقعها عقبَها، ولو أريد التعليل ابتداءً لفُصلت الجملة ولم تعطف.