روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ مَبۡلَغُهُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِمَنِ ٱهۡتَدَىٰ} (30)

وقوله تعالى : { ذلك } أي أمر الحياة الدنيا المفهوم من الكلام ولذا ذكر اسم الإشارة ، وقيل : أي ما أداهم إلى ما هم فيه من التولي وقصر الإرادة على الحياة الدنيا ، وقيل : ذلك إشارة إلى الظن الذي يتبعونه ، وقيل : إلى جعلهم الملائكة بنات الله سبحانه وكلا القولين كما ترى { مَبْلَغُهُمْ مّنَ العلم } أي منتهى علمهم لا علم لهم فوقه اعتراض مقرر لمضمون ما قبلها من قصر الإرادة على الحياة الدنيا .

والمراد بالعلم مطلق الإدراك المنتظم للظن الفاسد ، وضمير { مَبْلَغُهُمْ } لمن وجمع باعتبار معناه كما أن إفراده قبل باعتبار لفظه ، وقوله سبحانه :

{ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهتدى } تعليل للأمر بالإعراض ، وتكرير قوله تعالى : { هُوَ أَعْلَمُ } لزيادة التقرير والإيذان بكمال تباين المعلومين ، والمراد { بِمَن ضَلَّ } من أصر على الضلال ولم يرجع إلى الهدى أصلاً ، و { بِمَنِ اهتدى } من شأنه الاهتداء في الجملة ، أي هو جل شأنه المبالغ في العلم بمن لا يرعوي عن الضلال أبداً ، وبمن يقبل الاهتداء في الجملة لا غيره سبحانه فلا تتعب نفسك في دعوتهم ولا تبالغ في الحرص عليها فإنهم من القبيل الأول .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ مَبۡلَغُهُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِمَنِ ٱهۡتَدَىٰ} (30)

ثم صغر رأيهم فقال : { ذلك مبلغهم من العلم } يعني : ذلك نهاية علمهم وقدر عقولهم أن آثروا الدنيا على الآخرة . وقيل : لم يبلغوا من العلم إلا ظنهم أن الملائكة بنات الله ، وأنها تشفع لهم ، فاعتمدوا على ذلك وأعرضوا عن القرآن . { إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى } يعني : هو عالم بالفريقين فيجازيهم .