البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{ذَٰلِكَ مَبۡلَغُهُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِمَنِ ٱهۡتَدَىٰ} (30)

{ مبلغهم } : غايتهم ومنتهاهم من العلم ، وهو ما تعلقت به علومهم من مكاسب الدنيا ، كالفلاحة والصنائع ، لقوله تعالى : { يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا } ولما ذكر ما هم عليه ، أخبر تعالى بأنه عالم بالضال والمهتدي ، وهو مجازيهما .

وقال الزمخشري : وقوله : { ذلك مبلغهم من العلم } : اعتراض .

انتهى ، وكأنه يقول : هو اعتراض بين { فأعرض } وبين { إن ربك } ، ولا يظهر هذا الذي يقوله من الاعتراض .

وقيل : ذلك إشارة إلى جعلهم الملائكة بنات الله .

وقال الفراء : صغر رأيهم وسفه أحلامهم ، أي غاية عقولهم ونهاية علومهم أن آثروا الدنيا على الآخرة .

وقيل : ذلك إشارة إلى الظن ، أي غاية ما يفعلون أن يأخذوا بالظن .

وقوله : { إن ربك هو أعلم } في معرض التسلية ، إذ كان من خلقه عليه الصلاة والسلام الحرص على إيمانهم ، وفي ذلك وعيد للكفار ، ووعد للمؤمنين .