فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ذَٰلِكَ مَبۡلَغُهُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِمَنِ ٱهۡتَدَىٰ} (30)

وقيل : الإشارة بقوله : { ذلك } إلى جعلهم للملائكة بنات الله وتسميتهم لهم تسمية الأنثى ، والأوّل أولى . والمراد بالعلم هنا : مطلق الإدراك الذي يندرج تحته الظنّ الفاسد ، والجملة مستأنفة لتقرير جهلهم واتباعهم مجرّد الظن ، وقيل : معترضة بين المعلل والعلة وهي قوله : { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهتدى } ، فإن هذا تعليل للأمر بالإعراض ، والمعنى : أنه سبحانه أعلم بمن حاد عن الحق وأعرض عنه ولم يهتد إليه ، وأعلم بمن اهتدى فقبل الحق وأقبل إليه وعمل به ، فهو مجازٍ كل عامل بعمله ، إن خيراً فخير ، وإن شراً فشرّ .

وفيه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإرشاد له بأن لا يتعب نفسه في دعوة من أصرّ على الضلالة وسبقت له الشقاوة ، فإن الله قد علم حال هذا الفريق الضال كما علم حال الفريق الراشد .