تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{ذَٰلِكَ مَبۡلَغُهُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِمَنِ ٱهۡتَدَىٰ} (30)

27

المفردات :

ذلك مبلغهم من العلم : طلب الدنيا وأمرها نهاية علمهم ، فلا يتجاوزه علمهم لأنهم آثروا الدنيا على الآخرة .

التفسير :

30- { ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى } .

أي : طلب الدنيا والسعي لها هو غاية ما وصلوا إليه من الإدراك والفهم ، والحرص على الدنيا الفانية والنعيم الزائل .

قال أبو السعود :

والمراد : النهي عن دعوة المُعْرِض عن كلام الله ، وعدم الاعتناء بشأنه ، فإن من أعرض عما ذكر وانهمك في الدنيا ، بحيث صارت منتهى همته ، وقصارى سعيه ، لا تزيده الدعوة إلا عنادا أو إصرارا على الباطل .

روى الشيخان ، والإمام أحمد ، عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الدنيا دار من لا دار له ، ومال من لا مال له ، ولها يجمع من لا عقل له " .

وفي الدعاء المأثور : " اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا " .

{ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى } .

إن الله تعالى عالم بالضالين ، الذين آثروا الدنيا على الآخرة ، وأهملوا وحي السماء ، وأعرضوا عن القرآن الحكيم ورسالة النبي الأمين ، وهو سبحانه عالم بالمهتدين الذين اختاروا الإسلام دينا ، ومحمدا صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا ، والقرآن هاديا وإماما ، وسوف يجازي كل فريق منهما بالجزاء الذي يستحقه ، فالمراد بالعلم هنا المعرفة والإحاطة ، والجزاء العادل ممن أحاط بكل شيء علما .