الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{ذَٰلِكَ مَبۡلَغُهُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِمَنِ ٱهۡتَدَىٰ} (30)

قوله : { ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ } : قال الزمخشري : " هو اعتراض أي : فأَعْرِضْ عنه ولا تُقابِلْه ، إنَّ ربك هو أعلمُ [ بالضالِّ ] " . قال الشيخ : " كأنه يقول : هو اعتراضٌ بين " فأعرِضْ " وبين " إنَّ ربك " ، ولا يظهر هذا الذي يقولُه من الاعتراضِ " . قلت : كيف يقولُ : كأنه يقول هو اعتراضٌ وما بمعنى التشبيه ، وهو قد نَصَّ عليه وصرَّح به فقال : أي فأعرِضْ عنه ولا تقابِلْه ، إنَّ ربك ؟ وقوله : " ولا يَظْهر " ، ما أدري عدمَ الظهورِ مع ظهور أنَّ هذا علةٌ لذاك ، أي : قوله : " إنَّ ربَّك " علةٌ لقولِه : " فأعْرِضْ " والاعتراضُ بين العلةِ والمعلولِ ظاهرٌ ، وإذا كانوا يقولون : هذا معترضٌ فيما يجيءُ في أثناء قصةٍ فكيف بما بين علةٍ ومعلول ؟

وقوله : { أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ } جوَّزَ مكي أن يكونَ على بابِه من التفضيل أي : هو أعلمُ مِنْ كل أحد ، بهذين الوصفَيْن وبغيرِهما ، وأَنْ يكونَ بمعنى عالِم وتقدَّم نظيرُ ذلك مراراً .