{ فجعلناهم سَلَفاً } قال ابن عباس . وزيد بن أسلم . وقتادة أي متقدمين إلى النار .
وقال غير واحد : قدوة للكفار الذين بعدهم يقتدون بهم في استيجاب مثل عقابهم ونزوله بهم ، والكلام على الاستعارة لأن الخلف يقتدي بالسلف فلما اقتدوا بهم في الكفر جعلوا كأنهم اقتدوا بهم في معلول الغضب وهو مصدر نعت به ولذا يصح إطلاقه على القليل والكثير ، وقيل : جمع سالف كحارس وحرس وخادم وخدم وهذا يحتمل أن يراد بالجمع فيه ظاهره ويحتمل أن يراد به اسم الجمع فإن فعلاً ليس من أبنية الجموع لغلبته في المفردات ، والمشهور في جمعه أسلاف وجاء سلاف أيضاً .
وقرأ أبو عبد الله . وأصحابه . وسعيد بن عياش . والأعمش . والأعرج . وطلحة . وحمزة والكسائي { سَلَفاً } بضمتين جمع سليف كفريق لفظاً ومعنى ، سمع القاسم بن معن العرب تقول : مضى سليف من الناس يعنون فريقاً ، منهم وقيل : جمع سلف كصبر جمع صابر أو جمع سلف كجنب .
وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه . ومجاهد . والأعرج . أيضاً سلفاً بضم ففتح إما على أنه أبدلت فيه ضمة اللام فتحة تخفيفاً كما يقال في جدد بضم الدال جدد بفتحها أو على أنه جمع سلفة بمعنى الأمة والجماعة من الناس أي فجعلناهم أمة سلفت ، والسلف بالضم فالفتح في غير هذا ولد القبح والجمع سلفان كصردان ويضم .
{ وَمَثَلاً لّلاْخِرِينَ } أي عظة لهم ، والمراد بهم الكفار بعدهم ، والجار متعلق على التنازع بسلفاً ومثلاً ، ويجوز أن يراد بالمثل القصة العجيبة التي تسير مسير الأمثال ؛ ومعنى كونهم مثلاً للكفار أن يقال لهم : مثلكم مثل قوم فرعون ، ويجوز تعلق الجار بالثاني وتعميم الآخرين بحيث يشمل المؤمنين ، وكونهم قصة عجيبة للجميع ظاهر .
قوله تعالى : { فجعلناهم سلفاً } قرأ حمزة والكسائي سلفا بضم السين واللام ، قال الفراء : هو جمع سليف من سلف بضم اللام يسلف ، أي تقدم ، وقرأ الآخرون بفتح السين واللام على جمع السالف ، مثل : حارس وحرس وخادم وخدم ، وراصد ورصد ، وهما جميعاً الماضون المتقدمون من الأمم ، يقال : سلف يسلف ، إذا تقدم . والسلف من تقدم الآباء ، فجعلناهم متقدمين ليتعظ بهم الآخرون . { ومثلاً للآخرين } عبرة وعظة لمن بقي بعدهم . وقيل : سلفاً لكفار هذه الأمة إلى النار ومثلاً لمن يجيء بعدهم .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{فجعلناهم سلفا} يعني مضوا في العذاب.
{ومثلا للآخرين} يعني عبرة لمن بعدهم...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
"فَجَعَلْناهُمْ سَلَفا":... فجعلنا هؤلاء الذين أغرقناهم من قوم فرعون في البحر مقدّمة يتقدمون إلى النار، كفار قومك يا محمد من قريش، وكفار قومك لهم بالأثر... وقوله: "وَمَثَلاً للآخِرِينَ "يقول: وعبرة وعظة يتعظ بهم مَنْ بعدهم من الأمم، فينتهوا عن الكفر بالله.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
فجعلناهم قدوة للآخرين من الكفار، وحديثاً عجيب الشأن سائراً مسير المثل، يحدثون به ويقال لهم: مثلكم مثل قوم فرعون...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
جعلهم الله سلفاً يتبعه كل خلف ظالم (ومثلاً للآخرين) الذين يجيئون بعدهم، ويعرفون قصتهم، فيعتبرون.. وهكذا تلتقي هذه الحلقة من قصة موسى -عليه السلام- بالحلقة المشابهة لها من قصة العرب في مواجهة رسولهم الكريم. فتثبت الرسول [صلى الله عليه وسلم] والمؤمنين معه؛ وتحذر المشركين المعترضين، وتنذرهم مصيراً كمصير الأولين.. وتصبح القصة بهذا أداة للتربية في المنهج الإلهي الحكيم. ثم ينتقل السياق من هذه الحلقة في قصة موسى، إلى حلقة من قصة عيسى، بمناسبة جدل القوم حول عبادتهم للملائكة وعبادة بعض أهل الكتاب للمسيح.. وذلك في الدرس الأخير
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.