قوله : «فجعلناهم سلفاً » قرأ الأخوان سُلُفاً بضمتين{[49973]} ، والباقون بفتحتين ، فأما الأولى فتحتمل ثلاثة أوجه :
أحدهما : أنه جمع سَليفٍ ، كرَغِيفٍ ، ورُغُفٍ ، وسمع القاسم{[49974]} بن معن من العرب معنى سَليف من الناس والسيلفُ من الناس كالغَرِيقِ منهم{[49975]} .
والثاني : أنها جمع ساَلِف ، كَصَابرٍ ، وصُبُرٍ{[49976]} .
الثالث : أنها جمع سَلَفٍ كَأَسَدٍ وأُسُدٍ{[49977]} .
أحدهما : أن تكون جمعاً لسَالفٍ ، كحَارِسٍ وحَرَسٍ ، وخَادِمٍ وخَدَمٍ ، وهذا في الحقيقة اسم جمع لا جمع تكسير ، إذ ليس في أبنية التكسير صيغة فَعَلٍ .
والثاني : أنه مصدر يطلق على الجماعة ، تقول : سَلُفُ الرَّجُلُ يَسْلُفُ سَلَفاً أي تقدم ، والسلف : كُلُّ شَيْءٍ قَدَّمْتَهُ من عمل صالحٍ ، أو قرضٍ فهو سَلَفٌ ، وسَلَفُ الرَّجُلِ آبَاؤُهُ المتقدمون ، والجمع أَسْلاَفٌ وسُلاَّفٌ{[49978]} قال طفيل :
4414 مَضَوْا سَلَفاً قَصَدَ السَّبِيلُ عَلَيْهِم *** صُرُوفُ المَنَايَا بِالرِّجَالِ تَقَلَّبُ{[49979]}
وقرأ عليٌّ مُجَاهِدٌ رضي الله عنهما{[49980]} سُلَفاً{[49981]} بضم السين . وفيه وجهان :
أشهرهما : أنه جمع سُلْفَةٍ كغُرْفَةٍ وغُرَفٍ{[49982]} . والسُّلْفَة الأُمَّةُ .
وقيل : الأصل سُلُفاً بضمتين ، وإنَّما أبدل من الضمة فتحة{[49983]} .
وقوله : «مَثَلاً » إما مفعول ثان إن كانت بمعنى صير ، وإلاَّ حالاً{[49984]} . قال الفراءُ{[49985]} والزجاجُ{[49986]} : جعلناهم متفرقين ليتعظ بهم الآخرون ، وهم كفار أمة محمد صلى الله عليه وسلم والمعنى ومثلاً للآخرِينَ أي عِظة لمن بقي بعدهم وعبرة .
قال أبو علي الفارسي : المَثَلُ واحد يراد به الجمع ، ومن ثم عطف على سلف والدليل على وقوعه ( على ) أكثر من واحد قوله تعالى : { ضَرَبَ الله مَثَلاً عَبْداً مَّمْلُوكاً لاَّ يَقْدِرُ على شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً } [ النحل : 75 ] . فأدخل تحت المَثَل شَيْئَيْن{[49987]} وقيل : المعنى سلفاً لكفار هذه الأمة إلى النار ، ومثلاً لمن يجيء بعدهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.