البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَجَعَلۡنَٰهُمۡ سَلَفٗا وَمَثَلٗا لِّلۡأٓخِرِينَ} (56)

وقرأ الجمهور : سلفاً .

قال ابن عباس ، وزيد بن أسلم ، وقتادة : أي متقدمين إلى النار ، وهو مصدر سلف يسلف سلفاً ، وسلف الرجل آباؤه المتقدمون ، والجمع أسلاف وسلاف .

وقيل هو جمع سالف ، كحارس وحرس ، وحقيقته أنه اسم جمع ، لأن فعلا ليس من أبنية الجموع المكسرة .

وقال طفيل يرثي قومه :

مضوا سلفاً قصد السبيل عليهم *** صروف المنايا والرجال تقلب

قال الفراء والزجاج : سلفاً ليتعظ بهم الكفار المعاصرون للرسول .

وقرأ أبو عبد الله وأصحابه ، وسعيد بن عياض ، والأعمش ، وطلحة ، والأعرج ، وحمزة ، والكسائي : وسلفاً بضم السين واللام ، جمع سليف ، وهو الفريق .

سمع القاسم بن معن العرب تقول : مضى سليف من الناس .

وقرأ علي ، ومجاهد ، والأعرج أيضاً : وسلفاً ، بضم السين واللام ، جمع سلفة ، وهي الأمة والقطيعة .

والسلف في غير هذا : ولد القبح ، والجمع سلفان .

{ ومثلا للآخرين } : أي حديثاً عجيب الشأن سائراً مسير المثل ، يحدث به الآخرون من الكفار ، يقال لهم : مثلكم مثل قوم فرعون .