روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{فَجَعَلۡنَٰهُمۡ سَلَفٗا وَمَثَلٗا لِّلۡأٓخِرِينَ} (56)

{ فجعلناهم سَلَفاً } قال ابن عباس . وزيد بن أسلم . وقتادة أي متقدمين إلى النار .

وقال غير واحد : قدوة للكفار الذين بعدهم يقتدون بهم في استيجاب مثل عقابهم ونزوله بهم ، والكلام على الاستعارة لأن الخلف يقتدي بالسلف فلما اقتدوا بهم في الكفر جعلوا كأنهم اقتدوا بهم في معلول الغضب وهو مصدر نعت به ولذا يصح إطلاقه على القليل والكثير ، وقيل : جمع سالف كحارس وحرس وخادم وخدم وهذا يحتمل أن يراد بالجمع فيه ظاهره ويحتمل أن يراد به اسم الجمع فإن فعلاً ليس من أبنية الجموع لغلبته في المفردات ، والمشهور في جمعه أسلاف وجاء سلاف أيضاً .

وقرأ أبو عبد الله . وأصحابه . وسعيد بن عياش . والأعمش . والأعرج . وطلحة . وحمزة والكسائي { سَلَفاً } بضمتين جمع سليف كفريق لفظاً ومعنى ، سمع القاسم بن معن العرب تقول : مضى سليف من الناس يعنون فريقاً ، منهم وقيل : جمع سلف كصبر جمع صابر أو جمع سلف كجنب .

وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه . ومجاهد . والأعرج . أيضاً سلفاً بضم ففتح إما على أنه أبدلت فيه ضمة اللام فتحة تخفيفاً كما يقال في جدد بضم الدال جدد بفتحها أو على أنه جمع سلفة بمعنى الأمة والجماعة من الناس أي فجعلناهم أمة سلفت ، والسلف بالضم فالفتح في غير هذا ولد القبح والجمع سلفان كصردان ويضم .

{ وَمَثَلاً لّلاْخِرِينَ } أي عظة لهم ، والمراد بهم الكفار بعدهم ، والجار متعلق على التنازع بسلفاً ومثلاً ، ويجوز أن يراد بالمثل القصة العجيبة التي تسير مسير الأمثال ؛ ومعنى كونهم مثلاً للكفار أن يقال لهم : مثلكم مثل قوم فرعون ، ويجوز تعلق الجار بالثاني وتعميم الآخرين بحيث يشمل المؤمنين ، وكونهم قصة عجيبة للجميع ظاهر .