الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{فَجَعَلۡنَٰهُمۡ سَلَفٗا وَمَثَلٗا لِّلۡأٓخِرِينَ} (56)

قوله تعالى : " فجعلناهم سلفا " أي جعلنا قوم فرعون سلفا . قال أبو مِجْلَز : " سلفا " لمن عمل عملهم ، و " مثلا " لمن يعمل عملهم . وقال مجاهد : " سلفا " إخبارا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ، " ومثلا " أي عبرة لهم . وعنه أيضا " سلفا " لكفار قومك يتقدمونهم إلى النار . قتادة : " سلفا " إلى النار ، " ومثلا " عظة لمن يأتي بعدهم . والسلف المتقدم ، يقال : سلف يسلف سلفا ، مثل طلب طلبا ، أي تقدم ومضى . وسلف له عمل صالح أي تقدم . والقوم السلاف المتقدمون . وسلف الرجل : آباؤه المتقدمون ، والجمع أسلاف وسلاف . وقراءة العامة " سلفا " ( بفتح السين واللام ) جمع سالف ، كخادم وخدم ، وراصد ورصد ، وحارس وحرس . وقرأ حمزة والكسائي " سلفا " ( بضم السين واللام ) . قال الفراء هو جمع سليف ، نحو سرير وسرر . وقال أبو حاتم : هو جمع سلف ، نحو خشب وخشب ، وثمر وثمر ، ومعناهما واحد . وقرأ علي وابن مسعود وعلقمة وأبو وائل والنخعي وحميد بن قيس " سلفا " ( بضم السين وفتح اللام ) جمع سلفة ، أي فرقة متقدمة . قال المؤرج والنضر بن شميل : " سلفا " جمع سلفة ، نحو غرفة وغرف ، وطرفة وطرف ، وظلمة وظلم .