روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{وَأُخۡرَىٰ تُحِبُّونَهَاۖ نَصۡرٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَتۡحٞ قَرِيبٞۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (13)

{ وَأُخْرَى } أي ولكم إلى ما ذكر من النعم نعمة أخرى ، فأخرى مبتدأ ، وهي في الحقيقة صفة للمبتدأ المحذوف أقيمت مقامه بعد حذفه ، والخبر محذوف قاله الفراء ، وقوله تعالى : { تُحبُّونَهَا } في موضع الصفة ، وقوله سبحانه : { نَصْرٌ مِّنَ الله وَفَتْحٌ قَريبٌ } أي عاجل بدل أو عطف بيان ، وجملة المبتدأ وخبره قيل : حالية ؛ وفي «الكشف » وإنها عطف على جواب الأمر أعني { يغفر } [ الصف : 12 ] من حيث المعنى كما تقول : جاهدوا تؤجروا ولكم الغنيمة وفي { تحبونها } تعبير لهم وكذلك في إيثار الاسمية على الفعلية وعطفها عليها كأن هذه عندهم أثبت وأمكن ونفوسهم إلى نيلها والفوز أسكن .

وقيل : { أخرى } مبتدأ خبره { نصر } وقال قوم : هي في موضع نصب بإضمار فعل أي ويعطكم أخرى ، وجعل ذلك من باب

. علفتها تبناً وماءاً بارداً *** ومنهم من قدر تحبون أخرى على أنه من باب الاشتغال ، و { نصر } على التقديرين خبر مبتدأ محذوف أي ذلك أو هو { نصر } ، أو مبتدأ خبره محذوف أي نصر وفتح قريب عنده ، وقال الأخفش : هي في موضع جر بالعطف على { تجارة } [ الصف : 10 ] وهو كما ترى .

وقرأ ابن أبي عبلة نصراً وفتحاً قريباً بالنصب بأعني مقدراً ، أو على المصدر أي تنصرون نصراً ويفتح لكم فتحاً ، أو على البدلية من { أخرى } على تقدير نصبها { وَبَشِّر المُؤْمنينَ } عطف على قل مقدراً قبل قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا } [ الصف : 10 ] ، وقيل : على أبشر مقدراً أيضاً ، والتقدير فأبشر يا محمد وبشر .

وقال الزمخشري : هو عطف على { تؤمنون } [ الصف : 11 ] لأنه في معنى الأمر كأنه قيل : آمنوا وجاهدوا يثبكم الله تعالى وينصركم وبشر يا رسول الله المؤمنين بذلك ، وتعقبه في الإيضاح بأن فيه نظراً لأن المخاطبين في { تؤمنون } هم المؤمنون ، وفي { بشر } هو النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قوله تعالى : { تؤمنون } بيان لما قبله على طريق الاستئناف فكيف يصح عطف { بشر المؤمنون } عليه ؟ وأجيب بما خلاصته أن قوله سبحانه : { يا أيها الذين آمنوا } للنبي صلى الله عليه وسلم وأمته كما تقرر في أصول الفقه ، وإذا فسر بآمنوا وبشر دل على تجارته عليه الصلاة والسلام الرابحة وتجارتهم الصالحة ، وقدم { آمنوا } لأنه فاتحة الكل ثم لو سلم فلا مانع من العطف على جواب السائل بما لا يكون جواباً إذا ناسبه فيكون جواباً للسؤال وزيادة كيف وهو داخل فيه ؟ كأنهم قالوا : دلنا يا ربنا فقيل : آمنوا يكن لكم كذا وبشرهم يا محمد بثبوته لهم ، وفيه من إقامة الظاهر مقام المضمر وتنويع الخطاب ما لا يخفي نبل موقعه ، واختاره «صاحب الكشف » فقال : إن هذا الوجه من وجه العطف على قل ووجه العطف على فابشر لخلوهما عن الفوائد المذكورة يعني ما تضمنه الجواب .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَأُخۡرَىٰ تُحِبُّونَهَاۖ نَصۡرٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَتۡحٞ قَرِيبٞۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (13)

وأما الثواب الدنيوي لهذه التجارة ، فذكره بقوله : { وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا } أي : ويحصل لكم خصلة أخرى تحبونها وهي : { نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ } [ لكم ] على الأعداء ، يحصل به العز والفرح ، { وَفَتْحٌ قَرِيبٌ } تتسع به دائرة الإسلام ، ويحصل به الرزق الواسع ، فهذا جزاء المؤمنين المجاهدين ، وأما المؤمنون من غير أهل الجهاد ، [ إذا قام غيرهم بالجهاد ]{[1087]}  فلم يؤيسهم الله تعالى من فضله وإحسانه ، بل قال : { وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } أي : بالثواب العاجل والآجل ، كل على حسب إيمانه ، وإن كانوا لا يبلغون مبلغ المجاهدين في سبيل الله ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض ، أعدها الله للمجاهدين في سبيله " {[1088]} .


[1087]:- زيادة من هامش ب.
[1088]:- في ب جاء بدلا من هذا الحديث ما يلي: [كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا، وجبت له الجنة) فعجب لها أبو سعيد الخدري- راوي الحديث - فقال: أعدها علي يا رسول الله، فأعادها عليه ثم قال: (وأخرى يرفع بها العبد مائة درجة في الجنة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض) فقال: وما هي يا رسول الله؟ قال: "الجهاد في سبيل الله، الجهاد في سبيل الله) رواه مسلم.
 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{وَأُخۡرَىٰ تُحِبُّونَهَاۖ نَصۡرٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَتۡحٞ قَرِيبٞۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (13)

ونعمة أخرى لكم- أيها المؤمنون- تحبونها هي نصر من الله يأتيكم ، وفتح عاجل يتم على أيديكم . وبشِّر المؤمنين –يا محمد- بالنصر والفتح في الدنيا ، والجنة في الآخرة .