اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَأُخۡرَىٰ تُحِبُّونَهَاۖ نَصۡرٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَتۡحٞ قَرِيبٞۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (13)

قوله : { وأخرى تُحِبُّونَهَا } . فيها أوجه{[56500]} :

أحدها : أنها في موضع رفع على الابتداء وخبرها مقدر ، أي : ولكم أو وثمَّ أو عنده خصلة أخرى أو مثوبة أخرى ، و " تُحِبُّونهَا " : نعت له .

الثاني : أن الخبر جملة حذف مبتدؤها ، تقديره : هي نصر ، والجملة خبر " أخرى " . قاله أبو البقاء{[56501]} .

الثالث : أنها منصوبة بفعل محذوف للدلالة عليه بالسِّياق ، أي : ويعطكم ، أو يمنحكم مثوبة أخرى ، و " تُحِبُّونهَا " نعت لها أيضاً .

الرابع : أنها منصوبة بفعل مضمر يفسره " تُحِبُّونهَا " فيكون من الاشتغال ، وحينئذ لا يكون " تحبونها " نعتاً لأنه مفسر للعامل فيه .

الخامس : أنها مجرورة عطفاً على " تجارة " .

وضعف هذا بأنها ليست مما دلَّ عليه إنما هي ثواب من عند الله .

قال القرطبي{[56502]} : " هذا الوجه منقول عن الأخفش والفراء " .

قوله : { نَصْرٌ مِّنَ الله } .

خبر مبتدأ مضمر ، أي : تلك النعمة ، أو الخلة الأخرى نصر ، " من الله " نعت له أو متعلق به ، أي : ابتداؤه منه .

ورفع " نَصْرٌ ، وفَتْحٌ " قراءة العامة .

ونصب ابن أبي عبلة الثلاثة . وفيه أوجه ذكرها الزمخشري{[56503]} .

أحدها : أنها منصوبة على الاختصاص .

الثاني : أن ينتصبن على المصدرية ، أي : ينصرون نصراً ، ويفتح لهم فتحاً قريباً .

الثالث : أن ينتصبن على البدل من «أخْرَى » ، و«أخرى » منصوبة بمقدر كما تقدم ، أي يغفر لكم ويدخلكم جنات ويؤتكم أخرى ، ثم أبدل منها نصراً وفتحاً قريباً .

فصل في معنى الآية{[56504]}

ومعنى الآية أي : ولكم نصر من الله { وَفَتْحٌ قَرِيبٌ } ، أي : غنيمة في عاجل الدنيا قبل فتح مكة . وقال ابن عباس - رضي الله عنهما - يريد فتح فارس والروم { وَبَشِّرِ المؤمنين } برضا الله عنهم{[56505]} .

وقال البغوي : «وبشر المؤمنين » يا محمد بالنصر في الدنيا والجنة في الآخرة .


[56500]:ينظر الدر المصون 6/313.
[56501]:ينظر: الإملاء 2/1221.
[56502]:الجامع لأحكام القرآن 18/58.
[56503]:ينظر: الدر المصون 6/313، والكشاف 4/528، والمحرر الوجيز 5/304، والبحر المحيط 8/361.
[56504]:ينظر: القرطبي 18/58.
[56505]:ينظر: تفسير القرطبي (18/58).