روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{أَمۡ حَسِبَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخۡرِجَ ٱللَّهُ أَضۡغَٰنَهُمۡ} (29)

{ أَمْ حَسِبَ الذين فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ } هم المنافقون الذين فصلت أحوالهم الشنيعة وصفوا بوصفهم السابق لكونه مداراً لما نعى عليهم بقوله تعالى : { أَن لَّن يُخْرِجَ الله أضغانهم } فأم منقطعة وأن مخففة من أن واسمها ضمير الشأن والجملة بعدها خبرها ، والأضعان جمع ضغن وهو الحقد وقيده الراغب بالشديد وقد ضغن بالكسر وتضاغن القوم واضطغنوا أبطنوا الأحقاد ، ويقال : اضطغنت الصبي إذا أخذته تحت حضنك وأنشد الأحمر

كأنه مضطغن صبياً *** وفرس ضاغن لا يعطي ما عنده من الجري إلا بالضرب ، وأصل الكلمة من الضغن وهو الالتواء والاعوجاج في قوائم الدابة والقناة وكل شيء ، قال بشر :

كذات الضغن تمشي في الرقاق *** وأنشد الليث :

إن قناتي من صليبات القنا *** ما زادها التثقيف إلا ضغنا

والحقد في القلب يشبه به : وقال الليث ، وقطرب . الضغن العداوة قال الشاعر :

قل لابن هند ما أردت بمنطق *** ساء الصديق وشيد الإضغانا

وهذا لا ينافي الأول لأن الحقد العداوة لأمر يخفيه المرء في قلبه ، والإخراج مختص بالأجسام ، والمراد به هنا الإبراز أي بل أحسب الذين في قلوبهم حقد وعداوة للمؤمنين أنه لن يبرز الله تعالى أحقادهم ويظهرها للرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين فتبقى مستورة ، والمعنى أن ذلك مما لا يكاد يدخل تحت الاحتمال .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَمۡ حَسِبَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخۡرِجَ ٱللَّهُ أَضۡغَٰنَهُمۡ} (29)

{ 29-31 } { أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ * وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ * وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ }

يقول تعالى : { أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ } من شبهة أو شهوة ، بحيث تخرج القلب عن حال صحته واعتداله ، أن الله لا يخرج ما في قلوبهم من الأضغان والعداوة للإسلام وأهله ؟ هذا ظن لا يليق بحكمة الله ، فإنه لا بد أن يميز الصادق من الكاذب ، وذلك بالابتلاء بالمحن ، التي من ثبت عليها ، ودام إيمانه فيها ، فهو المؤمن حقيقة ، ومن ردته على عقبيه فلم يصبر عليها ، وحين أتاه الامتحان ، جزع وضعف إيمانه ، وخرج ما في قلبه من الضغن ، وتبين نفاقه ، هذا مقتضى الحكمة الإلهية ، مع أنه تعالى قال :