روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{وَجَعَلۡنَا لَكُمۡ فِيهَا مَعَٰيِشَ وَمَن لَّسۡتُمۡ لَهُۥ بِرَٰزِقِينَ} (20)

{ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا معايش } ما تعيشون به من المطاعم والمشارب والملابس وغيرها مما يتعلق به البقاء وهي بياء صريحة . وقرأ الأعرج . وخارجة عن نافع بالهمز ، قال ابن عطية : والوجه تركه لأن الياء في ذلك عين الكلمة ، والقياس في مثله أن لا يبدل همزة وإنما يبدل إذا كان زائداً كياء شمائل وخبائث . لكن لما كان الياء هنا مشابهاً للياء هناك في وقوعه بعد مدة زائدة في الجمع عومل معاملته على خلاف القياس { وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ برازقين } عطف على معايش أي وجعلنا لكم من لستم برازقيه من العيال والمماليك والخدم والدواب وما أشبهها على طريقة التغليب كما قال الفراء وغيره ، وذكرهم بهذا العنوان لرد حسبان بعض الجهلة أنهم يرتزقون منهم أو لتحقيق أن الله تعالى يرزقهم وإياهم مع ما في ذلك من عظيم الامتنان ، ويجوز عطفه على محل { لَكُمْ } وجوز الكوفيون ويونس . والأخفش . وصححهع أبو حيان العطف على الضمير المجرور إن لم يعد الجار ، والمعنى على التقديرين سواء أي وجعلنا لكم معايش ولمن لستم له برازقين ، وقال الزجاج : إن { مِنْ } في محل نصب بفعل محذوف والتقدير وأعشنا من لستم الخ أي أمما غيركم لأن المعنى أعشناكم ، وقيل : إنه في محل رفع على الابتداء وخبره محذوف لدلالة المعنى عليه أي ومن لستم له برازقين جعلنا له فيها معايش وهو خلاف الظاهر ، وقال أبو حيان : لا بأس به فقد أجازوا ضربت زيداً وعمرو بالرفع على الابتداء أي وعمرو ضربته فحذف الخبر لدلالة ما قبله عليه .

وأخرج ابن المنذر . وغيره عن مجاهد أن المراد { بِمَنِ * لَسْتُمْ } الخ الدواب والأنعام ، وعن منصور الوحش ، وعن بعضهم ذاك والطير فمن على هذه الأقوال لما لا يعقل .

( ومن باب الإشارة ) :{ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا معايش } بالتدابير الجزئية { وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ برازقين } [ الحجر : 20 ] ممن ينسب إليكم ويتعلق بكم ، قال بعضهم : إن سبب العيش مختلف فعيش المريدين بيمن إقباله تعالى وعيش العارفين بلظف جماله سبحانه وعيش الموحدين بكشف جلاله جل جلاله .