مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ ٱلۡعَذَابُ ٱلۡأَلِيمُ} (50)

ولما ذكر العذاب لم يقل أني أنا المعذب وما وصف نفسه بذلك بل قال : { وأن عذابي هو العذاب الأليم } . وثالثها : أنه أمر رسوله أن يبلغ إليهم هذا المعنى فكأنه أشهد رسوله على نفسه في التزام المغفرة والرحمة . ورابعها : أنه لما قال : { نبىء عبادي } كان معناه نبىء كل من كان معترفا بعبوديتي ، وهذا كما يدخل فيه المؤمن المطيع ، فكذلك يدخل فيه المؤمن العاصي ، وكل ذلك يدل على تغليب جانب الرحمة من الله تعالى . وعن قتادة قال : بلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «لو يعلم العبد قدر عفو الله تعالى ما تورع من حرام ، ولو علم قدر عقابه لبخع نفسه » أي قتلها ، وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مر بنفر من أصحابه ، وهم يضحكون فقال : «أتضحكون والنار بين أيديكم » فنزل قوله : { نبىء عبادي أنى أنا الغفور الرحيم } والله أعلم .