الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ ٱلۡعَذَابُ ٱلۡأَلِيمُ} (50)

و{ نَبِّئْ } : معناه : أعْلِم .

قال الغَزَّالِيُّ رحمه اللَّه في «منهاجه » : «ومن الآيات اللطيفة الجامعةِ بَيْنَ الرجاءِ والخَوْفِ قولُهُ تعالى : { نَبِّئ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الغفور الرحيم } [ الحجر : 49 ] ثم قال في عَقِبَهُ : { وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ العذاب الأليم } [ الحجر : 50 ] لئِلاَّ يستولي عَلَيْكَ الرجاءِ بِمَرَّة ، وقوله تعالى : { شَدِيدِ العقاب } [ غافر : 3 ] ، ثم قال في عقبه : { ذِي الطول } [ غافر : 3 ] ، لَئِلاَّ يستولي عَلَيْكَ الخوف ، وأَعْجَبُ من ذلك قَولُهُ تعالَى : { وَيُحَذِّرُكُمُ الله نَفْسَهُ } [ آل عمران : 30 ] ، ثم قال في عَقِبَهُ : { والله رَءوفٌ بالعباد } [ آل عمران : 30 ] ، وأعجَبُ منه قولُهُ تعالَى : { مَّنْ خَشِيَ الرحمن بالغيب } [ ق : 33 ] ، فعلَّق الخشية باسم الرحمن ، دون اسْمِ الجَبَّار أو المنتقِمِ أو المتكبِّر ونحوه ، ليكون تخويفاً في تأمينٍ ، وتحريكاً في تسكينٍ كما تقولُ : «أَما تخشى الوالدةَ الرحيمة ، أمَا تخشى الوالِدَ الشَّفِيقَ » ، والمراد من ذلك أنْ يكونَ الطَّريقُ عدلاً ، فلا تذهب إِلى أَمْنٍ وقنوطٍ جعلنا اللَّه وإِيَّاكم من المتدبِّرين لهذا الذكْرِ الحكيمِ ، العامِلِينَ بما فيه ، إِنه الجَوَادُ الكَريم انتهى .