روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ تَابُواْ وَأَصۡلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـٰٓئِكَ أَتُوبُ عَلَيۡهِمۡ وَأَنَا ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ} (160)

{ إِلاَّ الذين تَابُواْ } أي رجعوا عن الكتمان أو عنه وعن سائر ما يجب أن يتاب عنه بناءاً على أن حذف المعمول يفيد العموم ، وفيه إشارة إلى أن التوبة عن الكتمان فقط لا يوجب صرف اللعن عنهم ما لم يتوبوا عن الجميع فإن للعنهم أسباباً جمة { وَأَصْلَحُواْ } ما أفسدوا بالتدارك فيما يتعلق بحقوق الحق والخلق ومن ذلك أن يصلحوا قومهم بالإرشاد إلى الإسلام بعد الإضلال وأن يزيلوا الكلام المحرف ويكتبوا مكانه ما كانوا أزالوه عند التحريف { وَبَيَّنُواْ } أي أظهروا ما بينه الله تعالى للناس معاينة وبهذين الأمرين تتم التوبة ، وقيل : أظهروا ما أحدثوه من التوبة ليمحوا سمة الكفر عن أنفسهم ويقتدى بهم أضرابهم فإن إظهار التوبة ممن يقتدي به شرط فيها على ما يشير إليه بعض الآثار ، وفيه أن الصحيح إظهار التوبة إنما هو لدفع معصية المتابعة وليس شرطاً في التوبة عن أصل المعصية فهو داخل في قوله تعالى : ( وأصلحوا ) { فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ } بالقبول وإفاضة المغفرة والرحمة { هُوَ التواب الرحيم } عطف على ما قبله تذييل له والالتفات إلى التكلم للافتنان مع ما فيه من الرمز إلى اختلاف مبدأ فعليه السابق واللاحق .

( ومن باب الإشارة ) :{ إِلاَّ الذين } رجعوا إلى الله تعالى وعلموا أن ما هم فيه ابتلاءً منه عز وجل ، وأصلحوا أحوالهم بالرياضة ، وأظهروا ما احتجب عنهم بصدق المعاملة { فَأُوْلَئِكَ } أقبل توبتهم { وَأَنَا التواب الرحيم } [ البقرة : 0 16 ]