أحدهما : أن يكون متَّصِلاً ، والمُسْتَثْنى منْه هو الضَّميرُ في " يلعنُهم " .
والثاني : أن يكُونَ منقطعاً ؛ لأنَّ الَّذين كَتَمُوا ، لُعِنُوا قَبْل أَنْ يَتُوبُوا . وإنَّما جَاءَ الاستثناءُ ؛ لبَيَانِ قَبُول التَّوْبَةِ ؛ لأنَّ قَوْماً من الكاتِمِينَ لَمْ يُلْعَنُوا ، نقل ذلك أبو البَقَاء{[2079]} .
قال بعضُهُمْ : " ولَيْسَ بشَيْءٍ " .
اعلَمْ أنَّه تعالى لَمَّا بيَّن عظيمَ الوَعِيدِ ، فكان يجوزُ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّ الوعيدَ يلحقُهُمْ على كُلِّ حالٍ ، فبيَّن تعالَى أَنَّهُمْ إذا تابُوا ، تغيَّر حُكْمُهم ، ودَخَلُوا في أهْلِ الوعْدِ . والتَّوْبةُ عبارةٌ عن النَّدَم على فِعْلِ القبيح لقُبْحِهِ ، لا لِغَرَضٍ سِوَاه ؛ لأنَّ مَنْ لم يَرُدَّ الوديعَة ، ثم ندمِ للَوْمِ الناس وذمِّهم ، أو لأنَّ الحاكم رَدَّ شهادتَهُ لم يكُنْ تائباً ، وكَذَلِكَ ، لو عَزَمَ على رَدِّ الودائعِ والقيام بالواجِبَاتِ ؛ لكي تُقْبَلَ شهادتُهُ أو يُمْدَحَ بالثَّنَاءِ علَيْه ، لم يكن تائِباً وهذا مَعْنَى الإِخْلاَّص في التوبة ثم بيَّن تعالى أنه لا بُدَّ له بَعْدَ التوبة مِنْ إصْلاح ما أفْسَدَهُ مثلاً ، لو أفْسَد على رجُلِ دِينَهُ بإيرادِ شُبْهَةٍ عَلْيه ، يلْزَمُه إزالَة تِلْكَ الشُّبْهَةِ ، ثمَّ بيَّن بأنه يجبُ علَيْه بعْدَ ذلك أَنْ يَفْعَلَ ضِدَّ الكِتْمَانِ ، وهُو البَيَانُ بقَوْله " وَبَيَّنُوا " فدلَّت الآيةُ على أنَّ التَّوْبة لا تَحْصُلُ إلاَّ بِتَرْكِ كُلِّ ما ينبغي .
وقيلَ : بَيَّنوا تَوْبَتَهُمْ وصَلاَحَهُم . قال ابْنُ الْخَطِيبِ{[2080]} : قالَتِ المُعْتَزِلةُ : الآيةُ تَدُلُّ على أَنَّ التَّوْبة عن بَعْضِ المعاصِي مع الإصْرَار عَلى البَعْضِ لا تَصِحُّ ؛ لأن قوله " وَأَصْلَحُوا " عامٌّ في الكلِّ .
والجوابُ : أَنَّ اللفْظ المُطْلَق يكْفِي في صِدْقه حُصُولُ فَرْدٍ واحدٍ مِنْ أفْراده .
وقولُه : " أَتُوبُ عَلَيْهِمْ " أَتَجَاوَرُ عنْهم ، وأَقْبَلُ تَوْبتهمْ . " وَأَنَا التَّوَّابُ " الرَّجَّاع بقُلُوبِ عبَادِي المنْصَرفة عَنِّي إلَيَّ ، القَابِلُ لِتَوْبة كلِّ ذي توبةٍ ، الرحيمُ بِهِمْ بَعْدَ إقْبَالهم عَلَيَّ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.