{ إلا الذين تابوا } : هذا استثناء متصل ، ومعنى تابوا عن الكفر إلى الإسلام ، أو عن الكتمان إلى الإظهار .
{ وأصلحوا } ما أفسدوا من قلوبهم بمخالطة الكفر لها ، أو ما أفسدوا من أحوالهم مع الله ، أو أصلحوا قومهم بالإِرشاد إلى الإِسلام بعد الإضلال .
{ وبينوا } : أي الحق الذي كتموه ، أو صدق توبتهم بكسر الخمر وإراقتها ، أو ما في التوراة والإِنجيل من صفة محمد صلى الله عليه وسلم ، أو اعترفوا بتلبيسهم وزورهم ، أو ما أحدثوا من توبتهم ، ليمحوا سيئة الكفر عنهم ويعرفوا بضد ما كانوا يعرفون به ، ويقتدي بهم غيرهم من المفسدين .
{ فأولئك } : إشارة إلى من جمع هذه الأوصاف من التوبة والإصلاح والتبيين .
{ أتوب عليهم } : أي أعطف عليهم ، ومن تاب الله عليه لا تلحقه لعنة .
{ وانا التواب الرحيم } : تقدم الكلام في هاتين الصفتين ، وختم بهما ترغيباً في التوبة وإشعاراً بأن هاتين الصفتين هما له ، فمن رجع إليه عطف عليه ورحمه .
وذكروا في هذه الآية من الأحكام جملة ، منها أن كتمان العلم حرام ، يعنون علم الشريعة لقوله : { ما أنزلنا من البينات } ، وبشرط أن يكون المعلم لا يخشى على نفسه ، وأن يكون متعيناً لذلك .
فإن لم يكن من أمور الشرائع ، فلا تحرج في كتمها .
روي عن عبد الله أنه قال : ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة .
وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : « حدث الناس بما يفهمون » أتحبون أن يكذب الله ورسوله ؟ قالوا : والمنصوص عليه من الشرائع والمستنبط منه في الحكم سواء ، وإن خشي على نفسه فلا يحرج عليه ، كما فعل أبو هريرة ، وإن لم يتعين عليه فكذلك ، ما لم يسأل فيتعين عليه ، ومنها : تحريم الأجرة على تعليم العلم ، وقد أجازه بعض العلماء .
ومنها : أن الكافر لا يجوز تعليمه القرآن حتى يسلم ، ولا تعليم الخصم حجة على خصمه ليقطع بها ماله ، ولا السلطان تأويلاً يتطرّف به إلى مكاره الرعية ، ولا تعليم الرخص إذا علم أنها تجعل طريقاً إلى ارتكاب المحظورات وترك الواجبات .
ومنها : وجوب قبول خبر الواحد ، لأنه لا يجب عليه البيان إلا وقد وجب عليهم قبول قوله ، لأن قوله من البينات والهدى يعم المنصوص والمستنبط وجواز لعن من مات كافراً ، وقال بعض السلف : لا فائدة في لعن من مات أو جنّ من الكفار ، وجمهور العلماء على جواز لعن الكفار جملة من غير تعيين .
وقال بعضهم بوجوبها ، وأما الكافر المعين فجمهور العلماء على أنه لا يجوز لعنه .
وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوماً بأعيانهم .
وقال ابن العربي : الصحيح عندي جواز لعنه .
وذكر ابن العربي الاتفاق على أنه لا يجوز لعن العاصي والمتجاهر بالكبائر من المسلمين .
وذكر بعض العلماء فيه خلافاً ، وبعضهم تفصيلاً ، فأجازه قبل إقامة الحدّ عليه .
ومنها : أن التوبة المعتبرة شرعاً أن يظهر التائب خلاف ما كان عليه في الأول ، فإن كان مرتداً ، فبالرجوع إلى الإسلام وإظهار شرائعه ، أو عاصياً ، فبالرجوع إلى العمل الصالح ومجانبة أهل الفساد .
وأما التوبة باللسان فقط ، أو عن ذنب واحد ، فليس ذلك بتوبة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.