روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{هَٰرُونَ أَخِي} (30)

و { هارون } عطف بيان للوزير بناء على ما ذهب إليه الزمخشري والرضى من أنه لا يشترط التوافق في التعريف والتنكير ، وقيل : هو بدل من وزيراً . وتعقب بأنه يكون حينئذ هو المقصود بالنسبة مع أن وزارته هي المقصودة بالقصد الأول هنا .

وجوز كونه منصوباً بفعل مقدر في جواب من اجعل ؟ أي اعجل هارون ، وقيل : مفعولاه { وَزِيراً مّنْ أَهْلِى } و { لِى } تيبين كما في سقيا له .

واعترض بأن شرط المفعولين في باب النواسخ صحة انعقاد الجملة الاسمية منهما ولو ابتدأت بوزيراً وأخبرت عنه بمن أهلى لم يصح إذ لا مسوغ للابتداء به ، وأجيب بأن مراد القائل : إن «من أهلي » هو المفعول الأول لتأويله ببعض أهلي كأنه قيل اجعل بعض أهلي وزيراً فقدم للاهتمام به وسداد المعنى يقتضيه ولا يخفى بعده ، ومن ذلك قيل الأحسن أن يقال : إن الجملة دعائية والنكرة يبتدأ بها فيها كما صرح به النحاة فكذا بعد دخول الناسخ وهو كما ترى ، وقيل : المسوغ للابتداء بالنكرة هنا عطف المعرفة وهو { هارون } عليها عطف بيان وهو غريب ، وجوز في { هارون } أيضاً على هذا القول كونه مفعولاً لفعل مقدر وكونه بدلاً وقد سمعت ما فيه .

والظاهر أنه يجوز في { لِى } عليه أيضاً أن يكون صلة للعجل كما يجوز فيه على بعض الأوجه السابقة أن يكون تبييناً . ولم يظهر لي وجه عدم ذكر هذا الاحتمال ولا وجه عدم ذكر احتمال كونه صلة للجعل هنا . ويفهم من كلام البعض جواز كل من الاحتمالين هنا وهناك . وكذا يجوز أيضاً أن يكون حالاً من { وَزِيراً } ولعل ذلك مما يسهل أمر الانعقاد على ما قيل وفيه ما فيه ، و { أَخِى } على الوجوه عطف بيان للوزير ولا ضير في تعدده لشيء واحد أو لهرون . ولا يشترط فيه كون الثاني أشهر كما توهم لأن الإيضاح حاصل من المجموعكما حقق في المطول وحواشيه . ولا حاجة إلى دعوى أن المضاف إلى الضمير أعرف من العلم لما فيها من الخلاف . وكذا إلى ما في «الكشف » من أن { أَخِى } في هذا المقام أشهر من اسمه العلم لأن موسى عليه السلام هو العلم المعروف والمخاطب الموصوف بالمناجاة والكرامة والمتعرف به هو المعرفة في الحقيقة ثمن إن البيان ليس بالنسبة إليه سبحانه لأنه جل شأنه لا تخفى عليه خافية وإنما إتيان موسى عليه السلام به على نمط ما تقدم من قوله { هِىَ عَصَاىَ } [ طه : 18 ] الخ . وجوز أن يكون { أَخِى } مبتدأ خبره .