إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{هَٰرُونَ أَخِي} (30)

{ واجعل لّي وَزِيراً مّنْ أَهْلِي هارون أَخِي } أي مؤازراً يعاونني في تحمّل أعباء ما كُلّفتُه ، على أن اشتقاقَه من الوِزْر الذي هو الثِقَلُ أو ملجأً أعتصمُ برأيه على أنه من الوَزَر وهو الملجأ ، وقيل : أصله أَزير من الأزْر بمعنى القوة فعيل بمعنى فاعل كالشعير والجليسِ قُلبت همزتُه واواً كقلبها في مُوازِر ، ونصبُه على أنه مفعولٌ ثانٍ لاجْعل قُدّم على الأول الذي هو قوله تعالى : { هارون } اعتناءً بشأن الوزارة ، ولي صلةٌ للجعل أو متعلقٌ بمحذوف هو حالٌ من وزيراً إذ هو صفةٌ له في الأصل ومن أهلي إما صفةٌ لوزيراً أو صلةٌ لاجعل ، وقيل : مفعولاه : لي وزيراً وهارونَ عطفُ بيانٍ للوزير ومن أهلي كما مر من الوجهين ، وأخي في الوجهين بدلٌ من هارونَ أو عطفُ بيان آخرَ ، وقيل : هما وزيراً من أهلي ولي تبيينٌ كما في قوله تعالى : { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } ورُدّ بأن شرطَ المفعولين في باب النواسخِ صحةُ انعقاد الجملةِ الاسمية ولا مساغَ لجعل وزيراً مبتدأً ويُخبر عنه بما بعده .