{ قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم } بعد ما بين من جهته تعالى غاية هول ما يستعجله المستعجلون ونهاية سوء حالهم عند إتيانه ونعى عليهم جهلهم بذلك وإعراضهم عن ذكر ربهم الذي يكلؤهم من طوارق الليل وحوادث النهار وغير ذلك من مساويهم أمر عليه الصلاة والسلام بأن يقول لهم : إنما أنذركم ما تستعجلونه من الساعة { بالوحي } الصادق الناطق بإثباتها وفظاعة ما فيها من الأهوال أي إنما شأني أن أنذركم بالإخبار بذلك لا بالإتيان بها فإنه مزاحم للحكمة التكوينية والتشريعية فإن الإيمان برهاني لا عياني .
وقوله تعالى : { وَلاَ يَسْمَعُ الصم الدعاء } إما من تتمة الكلام الملقن تذييل له بطريق الاعتراض قد أمر صلى الله عليه وسلم بأن يقوله لهم توبيخاً وتقريعاً وتسجيلاً عليهم بكمال الجهل والعناد ، وإما من جهته تعالى على طريقة قوله سبحانه : { بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ رَبّهِمْ مُّعْرِضُونَ } [ الأنبياء : 42 ] كأنه قيل قل لهم ذلك وهم بمعزل عن السماع ، واللام في الصم إما للجنس المنتظم لهؤلاء الكفرة انتظاماً أولياً وإما للعهد فوضع المظهر موضع المضمر للتسجيل عليهم بالتصامم ، وتقييد نفي السماع بقوله تعالى : { إِذَا مَا يُنذَرُونَ } مع أن الصم لا يسمعون مطلقاً لبيان كمال شدة الصمم كا أن إيثار الدعاء الذي هو عبارة عن الصوت والنداء على الكلام لذلك ، فإن الإنذار عادة يكون بأصوات عالية مكررة مقارنة لهيئات دالة عليه فإذا لم يسمعوها يكن صممهم في غاية لم يسمع بمثلها ، وقيل لأن الكلام في الإنذار ألا ترى قوله تعالى : { قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بالوحي } وفيه دغدغة لا تخفى .
وقرأ ابن عامر . وابن جبير عن أبي عمرو . وابن الصلت عن حفص { تُسْمِعُ } بالتاء عن الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم من الاسماع { الصم الدعاء } بنصبهما على المفعولية ، وهذه القراءة تؤيد احتمال كون الجملة من جهته تعالى . وقرئ { يَسْمَعُ } بالياء على الغيبة وإسناد الفعل إلى ضميره صلى الله عليه وسلم { الصم الدعاء } بنصبهما على ما مر . وذكر ابن خالويه أنه قرئ { يَسْمَعُ } مبنياً للمفعول { الصم } بالرفع على النيابة عن الفاعل { الدعاء } بالنصب على المفعولية . وقرأ أحمد بن جبير الأنطاكي عن اليزيدي عن أبي عمرو { يَسْمَعُ } بضم ياء الغيبة وكسر الميم { الصم } بالنصب على المفعولية { الدعاء } بالرفع على الفاعلية بيسمع ، وإسناد الإسماع إليه من باب الاتساع والمفعول الثاني محذوف كأنه قيل ولا يسمع الصم الدعاء شيئاً
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.