روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسۡتَيۡقَنَتۡهَآ أَنفُسُهُمۡ ظُلۡمٗا وَعُلُوّٗاۚ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُفۡسِدِينَ} (14)

{ وَجَحَدُواْ بِهَا } أي وكذبوا بها { واستيقنتها أَنفُسُهُمْ } أي علمت علماً يقينياً أنها آيات من عند الله تعالى ، والاستيقان أبلغ من الإيقان .

وفي «البحر » أن استفعل هنا بمعنى تفعل كاستكبر بمعنى تكبر ، والأبلغ أن تكون الواو للحال والجملة بعدها حالية إما بتقدير قد أو بدونها { ظُلْماً } أي للآيات كقوله تعالى : { بِمَا كَانُواْ بآياتنا يَظْلِمُونَ } [ الأعراف : 9 ] وقد ظلموا بها أي ظلم حيث حطوها عن رتبتها العالية وسموها سحراً ، وقيل : ظلماً لأنفسهم وليس بذاك { وَعُلُوّاً } أي ترفعاً واستكباراً عن الإيمان بها كقوله تعالى : { والذين كَذَّبُواْ بئاياتنا واستكبروا عَنْهَا } [ الأعراف : 36 ] وانتصابهما إما على العلية من { جَحَدُواْ } وهي على ما قيل باعتبار العاقبة والادعاء كما في قوله :

لدوا للموت وابنوا للخراب *** وأما على الحال من فاعله أي جحدوا بها ظالمين عالين ، ورجح الأول بأنه أبلغ وأنسب بقوله تعالى : { فانظر كَيْفَ كَانَ عاقبة المفسدين } أي ما آل إليه فرعون وقومه من الإغراق على الوجه الهائل الذي هو عبرة للظالمين ، وإنما لم يذكر تنبيهاً على أنه عرضة لكل ناظر مشهور لدى كل باد وحاضر . وأدخل بعضهم في العاقبة حالهم في الآخرة من الإحراق والعذاب الأليم . وفي إقامة الظاهر مقام الضمير ذم لهم وتحذير لأمثالهم .

وقرأ عبد الله . وابن وثاب . والأعمش . وطلحة . وأبان بن تغلب { وعلياً } بقلب الواو ياء وكسر العين واللام ، وأصله فعول لكنهم كسروا العين اتباعاً ، وروي ضمها عن ابن وثاب . والأعمش . وطلحة .