روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{وَتِلۡكَ ٱلۡأَمۡثَٰلُ نَضۡرِبُهَا لِلنَّاسِۖ وَمَا يَعۡقِلُهَآ إِلَّا ٱلۡعَٰلِمُونَ} (43)

{ وَتِلْكَ الامثال } أي هذا المثل ونظائره من الأمثال المذكورة في الكتاب العزيز .

نَضْربُهَا للنَّاس } تقريباً لما بعد من أفهامهم { وَمَا يَعْقِلُهَا } على ما هي عليه من الحسن واستتباع الفوائد { إِلاَّ العالمون } الراسخون في العلم المتدبرون في الأشياء على ما ينبغي . وروي محيي السنة بسنده عن جابر «أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية { وَتِلْكَ الامثال } الآية فقال العالم من عقل عن الله تعالى فعمل بطاعته واجتنب سخطه » .

ومن باب الإشارة : { وَتِلْكَ الامثال نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ العالمون } [ العنكبوت : 3 4 ] فيه إشارة إلى أن دقائق المعارف لا يعرفها إلا أصحاب الأحوال العالمون به تعالى وبصفاته وسائر شؤونه سبحانه لأنهم علماء المنهج ، وذكر أن العالم على الحقيقة من يحجزه علمه عن كل ما يبيحه العلم الظاهر ، وهذا هو المؤيد عقله بأنوار العلم اللدني { اتل مَا أُوْحِىَ إِلَيْكَ مِنَ الكتاب } ذكر أن حقيقة الصلاة حضور القلب بنعت الذكر والمراقبة بنعت الفكر فالذكر في الصلاة يطرد الغفلة التي هي الفحشاء والفكر يطرد الخواطر المذمومة وهي المنكر ، هذا في الصلاة وبعدها تنهى هي إذا كانت صلاة حقيقية وهي التي انكشف فيها لصاحبها جمال الجبروت وجلال الملكوت وقرت عيناه بمشاهدة أنوار الحق جل وعلا عن رؤية الأعمال والأعواض ، وقال جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه : الصلاة إذا كانت مقبولة تنهى عن مطالعات الأعمال والأعواض