غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَتِلۡكَ ٱلۡأَمۡثَٰلُ نَضۡرِبُهَا لِلنَّاسِۖ وَمَا يَعۡقِلُهَآ إِلَّا ٱلۡعَٰلِمُونَ} (43)

42

ثم إن الجهلة من قريش كانوا يسخرون من ضرب المثل بالذباب والعنكبوت ونحوهما فنزلت { وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون } وذلك لأن الأمثال والتشبيهات وسائل إلى المعاني المحتجبة في الأستار كما سبق في أول البقرة ، حيث ضرب المثل بالبعوضة . قال الحكيم : العلم الحدسي يعرفه العاقل ، وأما إذا كان فكرياً دقيقاً فإنه لا يعقله إلا العالم لافتقاره إلى مقدمات سابقة . والمثل مما يفتقر في إدراك صحته وحسن موقعه إلى أمور سابقة ولاحقة يعرف بها تناسب مورده ومضربه وفائدة إيراده فلا يعقل صحتها إلا العلماء . وحين أمر الخلق بالإيمان وأظهر الحق بالبرهان وقص قصصاً فيها عبر ، وأنذر أهل الكفر بإهلاك من غبر ووصف سبيل أهل الأباطيل بالتمثيل ، قوى قلوب أهل الإيمان بأن كفرهم ينبغي أن لا يورث شكاً في صحة دينكم ، وشكهم يجب أن لا يؤثر في رد يقينكم .

/خ69