فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَتِلۡكَ ٱلۡأَمۡثَٰلُ نَضۡرِبُهَا لِلنَّاسِۖ وَمَا يَعۡقِلُهَآ إِلَّا ٱلۡعَٰلِمُونَ} (43)

{ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ( 43 ) خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ ( 44 ) اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ( 45 ) }

{ وتلك الأمثال } أي هذا المثل وغيره من الأمثال التي في القرآن { نضربها للناس } تنبيها وتقريبا لما بعد من أفهامهم { وما يعقلها } أي : ما يفهم صحتها وحسنها وفائدتها ، ويتعقل الأمر الذي ضربناها لأجله { إلا العالمون } بالله وبأسمائه وصفاته ، الراسخون في العلم ، المتدبرون المتفكرون لما يتلى عليهم ، وما يشاهدونه . لأن الأمثال والتشبيهات إنما هي الطرق إلى المعاني المستورة حتى تبرزها وتصورها للأفهام ، كما صور هذا التشبيه بين حال المشرك وحال الموحد ، ودلت الآية على فضل العلم على العقل ثم إنه تعالى لما أمر الخلق بالإيمان ، وأظهر الحق بالبرهان ، ولم يأت الكفار بما أمرهم ، ولم يهتدوا بذلك إلى سواء السبيل ، وحصل يأس الناس عنهم سلى المؤمنين بقوله :