{ قُلْ } يا محمد للمشركين الذين ضرب لهم المثل بقسة سبأ المعروفة عندهم بالنقل في أخبارهم وأشعارهم تنبيهاً على بطلان ما هم عليه وتبكيتاً لهم { ادعوا الذين زَعَمْتُمْ } أي زعمتموهم آلهة كذا قدره الجمهور على أن الضمير مفعول أول وآلهة مفعول ثان وحذف الأول تخفيفاً لأن الصلة والموصول بمنزلة اسم واحد فهناك طول يطلب تخفيفه والثاني لأن صفته أعني قوله تعالى : { مِن دُونِ الله } سدت مسده فلا يلزم إجحاف بحذفهما معاً ، ولا يجوز أن يكون { مِن دُونِ الله } هو المفعول الثاني إذ لا يتم به مع الضمير الكلم ولا يلتئم النظام فأي معنى معتبر لهم من دون الله على أن في جواز حذف أحد مفعولي هذا الباب اختصاراً خلافاً ومن أجازه قال هو قليل في كلامهم ، وكذا لا يجوز أن يكون لا يملكون لأن ما زعموه ليس كونهم غير مالكين بل خلافه ، وليس ذلك أيضاً بزعم بالمعنى الشائع لو سلم أنه صدر منهم بل حق ، وقال ابن هشام : الأولى أن يقدر زعمتم أنهم آلهة لأن الغالب على زعم أن لا يقع على المفعولين الصريحين بل على ما يسد مسدهما من أن وصلتهما ولم يقع في التنزيل إلا كذلك أي فالأنسب أن يوافق المقدر المصرح به في التنزيل .
ورجح تقدير الجمهور بأنه أبعد عن لزوم الإجحاف والأمر للتوبيخ والتعجيز أي ادعوهم فيما يهمكم من دفع ضر أو جلب نفع لعلهم يستجيبون لكم إن صح دعواكم . روي أن ذلك نزل عند الجوع الذي أصاب قريشاً .
وقوله تعالى : { لاَ يَمْلِكُونَ مِثُقَالَ ذَرَّةٍ } كلام مستأنف في موقع الجواب ولم يمهلهم ليجيبوا إشعاراً بتعينه فإنه لا يقبل المكابرة ، وجوز تقدير ثم أجب عنهم قائلاً لا يملكون الخ وهو متضمن بيان حال الآلهة في الواقع وأنهم إذا لم يملكوا مقدار ذرة أي من خير وشر ونفع وضر كيف يكونون آلهة نعبد .
{ فِي السماوات وَلاَ فِي الأرض } أي في أمر من الأمور ، وذكر السماوات والأرض للتعميم عرفاً فيراد بهما جميع الموجودات ، وهذا كما يقال المهاجرون والأنصار ويراد جميع الصحابة رضي الله تعالى عنهم فلا يتوهم أنهم يملكون في غيرهما ، ويجوز أن يقال : إن ذكرهما لأن بعض آلهة المخاطبين سماوية كالملائكة والكواكب وبعضها أرضية كالأصنام فالمراد نفي قدرة السماوي منهم على أمر سماوي والأرضي على أمر أرضي ويعلم نفي قدرته على غيره بالطريق الأولى أو لأن الأسباب القريبة للخير والشر سماوية وأرضية فالمراد نفي قدرتهم بشيء من الأسباب القريبة فكيف بغيرها { وَمَا لَهُمْ } أي لآلهتهم { فِيهِمَا مِن شِرْكٍ } أي شركة ما لا خلفاً ولا ملكاً ولا تصرفا { وَمَا لَهُ } أي لله عز وجل { مِنْهُمْ } أي من آلهتهم { مّن ظَهِيرٍ } أي معين يعينه سبحانه في تدبير أمرهما .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.