اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ لَا يَمۡلِكُونَ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا لَهُمۡ فِيهِمَا مِن شِرۡكٖ وَمَا لَهُۥ مِنۡهُم مِّن ظَهِيرٖ} (22)

قوله : { قُلِ ادعوا الذين زَعَمْتُمْ } مفعول «زعمتم » الأول محذوف هو عائد الموصول ، والثاني أيضاً محذوف قامت صفته مقامه أي زَعَمْتُمُوهُمْ شُرَكَاءَ من دون الله ولا جائز أن يكون : «مِنْ دُونِ اللَّهِ » هو المفعول الثاني ؛ إذ لا ينعقد منه مع ما قبله كَلاَم لو قلت : هُمْ من دون الله أي من غير نية موصوف لم يجز ولولا قيام الوصف مقامه أيضاً لم يحذف لأنَّ حَذْفَهُ اختصاراً{[44531]} قليلٌ على أن بعضهم منعه{[44532]} .

فصل

لما بين الله تعالى حال الشاكرين وحال الكافرين وذكرهم بما مضى عاد إلى خطابهم فقال لرسوله عليه ( الصلاة{[44533]} و ) السلام : قُلْ للمشركين «ادْعُوا الَّذِينَ زعَمتُمْ من دون الله ) . وفي الكلام حذف أي ادعوهم ليكشفوا{[44534]} الضر الذي نزل بكم في سِنِينِ{[44535]} الجُوع ثم وصفها فقال : { لاَ يَمْلِكُونَ مِثُقَالَ ذَرَّةٍ فِي السماوات وَلاَ فِي الأرض } من خير وشر ونفع وضر «وَمَا لَهُمْ » أي الآلهة فيهما أي السموات والأرض «مِنْ شِرْكٍ » أي شركة «وَمَا لَهُ » أي وما لله «مِنْهُمْ مِنْ ظَهِير » عوْنٍ{[44536]} .


[44531]:قال بذلك شهاب الدين السمين في الدر المصون 4/434 و 433.
[44532]:قال في البحر:في حذف أحد مفعولي : "ظن وأخواتها" اختصارا خلاف منع ذلك ابن ملكون وأجازه الجمهور وهو مع ذلك قليل. والحذف لدليل يسمى اختصارا لغيره يسمى اقتصارا. وقال السيوطي في الهمع 1/152: وأما حذف أحد المفعولين اقتصارا فلا يجوز بلا خلاف لأن أصلهما المبتدأ والخبر وذلك غير جائز فيهما وأما اختصارا فيجوز نقله عن الجمهور ومنعه طائفة منهم ابن الحاجب وصححه ابن عصفور وأبو إسحاق ابن ملكون كالاقتصار وقياسا على باب "كان" وقد ورد السماع هنا بالحذف قال: ولقد نزلت فلا تظني غيره مني بمنزلة المحب المكرم
[44533]:سقط من ب.
[44534]:وهذا يسمى إيجازا بالحذف.
[44535]:قاله البغوي في معالم التنزيل 5/290.
[44536]:قاله أبو عبيدة في المجاز 2/147 قال: "من ظهير" أي معين.