روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ يَتَمَطَّىٰٓ} (33)

{ ثُمَّ ذَهَبَ إلى أَهْلِهِِ يَتَمَطّى } يتبختر افتخاراً بذلك ومن صدر عنه مثل ذلك ينبغي أن يخاف من حلول غضب الله تعالى خطاه فيمشي خائفاً متطامناً لا فرحاً متبخراً فثم للاستبعاد و { يتمطى } من المط فإن المتبختر يمد خطاه فيكون أصله يتمطط قلبت الطاء فيه حرف علة كراهة اجتماع الامثال كما قالوا تظنى من الظن وأصله تظنن أو من المطا وهو الظهر فإن المختبر يلوي مطاه تبختراً فيكون معتلاً بحسب الأصل وفي الحديث «إذا مشت أمتي المطيطاء وخدمتهم فارس والروم فقد جعل بأسهم بينهم وسلط شرارهم على خيارهم » وجعل الطيبي هذه الجملة للتعجب على معنى يسأل أيان يوم القيامة وما استعد له إلا ما يوجب دماره وهلاكه ، وقال إن قوله تعالى : { فإذا برق البصر } [ القيامة : 7 ] الخ جواب عن السؤال أقحم بين المعطوف عليه لشدة الاهتمام وان قوله سبحانه { لا تحرك } [ القيامة : 16 ] الخ استطراد على ما سمعت وجعل صدق من التصديق هو المروى عن قتادة وقال قوم هو من التصدق أي فلا صدق ماله ولا زكاه قال أبو حيان وهذا الذي يظهر نفي عنه الزكاة والصلاة وأثبت له التكذيب كما في قوله تعالى : { قَالُواْ لَمْ نَكُ مِنَ المصلين وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ المسكين وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الخائضين وَكُنَّا نُكَذّبُ بِيَوْمِ الدين } [ المدثر : 43-46 ] وحمله على نفي التصديق يقتضي أن يكون ولكن كذب تكراراً ولزم أن يكون استدراكاً بعد ولا صلى لا بعد { فلا صدق } [ القيامة : 31 ] لأنهما متوافقان وفيه نظر يعلم مما قررناه ثم أنه استبعد العطف على قوله تعالى يسأل الخ وذكر أن الآية نزلت في أبي جهل وكات تصرح به في قوله تعالى يتمطى فإنها كانت مشيته ومشية قومه بني مخزوم وكان يكثر منها ولو يبين حال العطف على هذا وأنت تعلم أن العطف لا يأبى حديث النزول في أبي جهل وقد قيل أن قوله تعالى : { أَيَحْسَبُ الإنسان أَن لَنْ نَّجْمَعَ عِظَامَهُ } [ القيامة : 3 ] نازل فيه أيضاً والحكم على الجنس بأحكام لا يضر فيه تعين بعض أفراده في حكم منها نعم لا شك في بعد هذا العطف لفظاً لكن في بعده معنى مقال ولعل فيمابعد ما يقوى جانب العطف على ذاك .