محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ يَتَمَطَّىٰٓ} (33)

{ ثم } أي مع هذه التقصيرات في جنب الله تعالى { ذهب إلى أهله يتمطى } أي يتبختر في مشيته وأصله ( يتمطط ) أي يتمدد لأن المتبختر يمد خطاه .

تنبيهات

الأول الضمير في الآيات للإنسان المتقدم في قوله تعالى { أيحسب الإنسان } الثاني قال الرازي إنه تعالى شرح كيفية عمله فيما يتعلق بأصول الدين وفروعه وفيما يتعلق بدنياه أما ما يتعلق بأصول الدين فهو أنه ما صدق بالدين ولكن كذب به وأما ما يتعلق بفروع الدين فهو أنه ما صلى ولكنه تولى وأعرض وأما ما يتعلق بدنياه فهو أنه ذهب إلى أهله يتمطى ويختال في مشيته .

الثالث : دلت الآية على أن الكافر يستحق الذم والعقاب بترك الصلاة كما يستحقهما بترك الإيمان .

الرابع قال الرازي قال أهل العربية ( لا ) ههنا في موضع ( لم ) فقوله { فلا صدق ولا صلى } أي لم يصدق ولم يصل وهو كقوله {[7285]} { فلا اقتحم العقبة } أي لم يقتحم .

وكذلك ما روي{[7286]} " أرأيت من لا أكل ولا شرب ولا استهل " قال الكسائي لم أر العرب قالت في مثل هذا كلمة وحدها ، حتى تتبعها بأخرى ، إما مصرحا بها أو مقدرا أما المصرح فلا يقولون لا عبد الله خارج ، حتى يقولوا ولا فلان ، ولا يقولون مررت برجل لا يحسن حتى يقولوا ولا يحمل وأما المقدر فهو كقوله { فلا اقتحم العقبة } ثم اعترض الكلام فقال { وما أدراك ما العقبة فك رقبة أو إطعام } وكان التقدير لا فك رقبة ولا أطعم مسكينا فاكتفى به مرة واحدة ومنه من قال التقدير في قوله { فلا اقتحم } أي أفلا اقتحم وهلا اقتحم انتهى .


[7285]:90/ البلد /11.
[7286]:يشير إلى الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه في 76-باب الكهانية، حديث رقم 2269، عن أبي هريرة ونصه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في امرأتين من هذيل اقتتلتا فرست إحداهما الأخرى بحجر فأصاب بطنها وهي حامل فقتلت ولدها الذي في بطنها فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقضى أن دية ما في بطنها غرة، عبد أو أمة فقال ولي المرأة التي غرمت كيف أغرم يا رسول الله من لا شرب ولا أكل ولا استهل ومثل ذلك بطل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنما هذا من إخوان الكهان.