اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ يَتَمَطَّىٰٓ} (33)

قوله تعالى : { ثُمَّ ذَهَبَ إلى أَهْلِهِ يتمطى } . أي : يتبختر افتخاراً بذلك . قاله مجاهد وغيره .

«يتَمطَّى » جملة حالية من فاعل «ذهب » ، ويجوز أن يكون بمعنى شرع في التمطِّي ، كقوله : [ الطويل ]

5011 - فَقامَ يَذُودُ النَّاسَ عَنْهَا بِسْيفهِ{[58756]} *** . . .

وتمطى - هنا - فيه قولان :

أحدهما : أنه من «المَطَا » وهو الظهر ، ومعناه : يَتبختَرُ أي يمد مطاه ويلويه تبختراً في مشيته .

الثاني : أن أصله «يتمطّط » أي يتمدّد ، ومعناه : أنه يتمدد في مشيته تبختراً ، ومن لازم التبختر ذلك فهو يقرب من معنى الأول ، ويفارقه في مادته ، إذ مادة «المطا » : «م ط و » ، ومادة الثاني : «م ط ط » ، وإنما أبدلت الطاء الثانية ياء كراهية اجتماع الأمثال نحو : تطيبت ، وقصيت أظفاري ، وقوله : [ الراجز ]

5012 - تَقَضِّيَ البَازِي إذا البَازِي كَسَرْ{[58757]} *** . . .

والمطيطاء : التبختر ومد اليدين في المشي ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «المُطَيْطَاءِ وخدَمتهُمْ من فَارِس والرَّومِ كان بَأسهُمْ بَيْنَهُمْ »{[58758]} .

و «المطيط » : الماء الخاثر أسفل الحوض ؛ لأنه يتمطّط ، أي : يمتدّ فيه .

وقال القرطبي{[58759]} : التمطط : هو التمدد من التكسُّل ، والتثاقل فهو متثاقل عن الداعي إلى الحق ، والتمطي يدل على قلة الاكتراث .


[58756]:تقدم.
[58757]:تقدم.
[58758]:أخرجه ابن المبارك في "الزهد" رقم (187) والترمذي (2/42-43) وابن عدي في "الكامل" (1/323) من حديث ابن عمر. وله شاهد من حديث أبي هريرة. ذكره الهيثمي في "المجمع" (10/240) وقال: رواه الطبراني في "الأوسط" وإسناده حسن.
[58759]:الجامع لأحكام القرآن 19/74.