التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَٱلۡخَٰمِسَةَ أَنَّ غَضَبَ ٱللَّهِ عَلَيۡهَآ إِن كَانَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (9)

{ والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين } فقد خصه هو باللعن ، وخصها هي بالغضب ؛ لأن نكرها كان أشد ، بسبب ما تحمله في بطنها من طريق السفاح فتدخل على زوجها من ليس من مائه ثم ينسب إليه افتراء وبهتانا ، ويضطلع الزوج بالإنفاق عليه من غير حق ثم يرث أحدهما الآخر بالباطل . ويضاف إلى ذلك ما يستكن في طبيعة الأنثى من أنفة تمكنها من رفض الزنا ، والاستعلاء على إغواء الزناة وتحرشهم .

وبتمام اللعان تقع الفرقة بين المتلاعنين فلا يجتمعان البتة ولا يتوارثان ولا يحل له أن يراجعها أبدا . وهو قول المالكية . وقال به الليث وزفر والأوزاعي . وعند الحنفية : لا تقع الفرقة بينهما بعد فراغهما من اللعان إلا بتفريق الحاكم بينهما . وعند الشافعية : إذا أكمل الزوج شهاداته الأربع وتم التعانه ؛ فقد زال الفراش بينها وبينه ، سواء وقع منها الالتعان أو لم يقع . فإنما التعانها لدرء الحد عنها فقط .

على أن المتلاعنين لا يتناكحان أبدا . فإن أكذب الزوج نفسه ؛ فقد وجب في حقه الحد ولحق به الولد ولم ترجع إليه زوجته أبدا . وهو قول الجمهور .

وإذا قلنا بوقوع الفرقة بسبب اللعان وهو قول الجمهور ، فقد اختلفوا في صفة هذه الفرقة ؛ فقد قيل : إنها فسخ ، وهو قول المالكية والشافعية وذلك لتأييد التحريم باللعان ، فأشبه ذات المحرم . وقيل : إنها طلاق بائن . وهو قول الحنفية قياسا على فرقة العنين{[3229]} .


[3229]:- تفسير ابن كثير جـ3 ص 265 وما بعدها، وتفسير القرطبي جـ12 ص 192 وما بعدها، وبداية المجتهد جـ2 ص 103-105.