البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَٱلۡخَٰمِسَةَ أَنَّ غَضَبَ ٱللَّهِ عَلَيۡهَآ إِن كَانَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (9)

وقرأ نافع { أن لعنة } بتخفيف { أنَّ } ورفع { لعنة } و { أن غضب } بتخفيف { أن } و { غضب } فعل ماض والجلالة بعد مرفوعة ، وهي أن المخففة من الثقيلة لما خففت حذف اسمها وهو ضمير الشأن .

وقرأ أبو رجاء وقتادة وعيسى وسلام وعمرو بن ميمون والأعرج ويعقوب بخلاف عنهما ، والحسن { أن لعنة } كقراءة نافع ، و { أن غضب } بتخفيف { أن } و { غضب } مصدر مرفوع وخبر ما وبعده وهي أن المخففة من الثقيلة .

وقرأ باقي السبعة { أن لعنة الله } و { أن غضب الله } بتشديد { أن } ونصب ما بعدهما اسماً لها وخبر ما بعد .

قال ابن عطية : و { أن } الخفيفة على قراءة نافع في قوله { أن غضب } قد وليها الفعل .

قال أبو علي : وأهل العربية يستقبحون أن يليها الفعل إلاّ أن يفصل بينها وبينه بشيء نحو قوله { علم أن سيكون } وقوله { أفلا يرون أن لا يرجع } وأما قوله تعالى { وأن ليس للإنسان إلاّ ما سعى } فذلك لعلة تمكن ليس في الأفعال .

وأما قوله { أن بورك من في النار } فبورك على معنى الدعاء فلم يجر دخول الفواصل لئلا يفسد المعنى انتهى .

ولا فرق بين { أن غضب الله } و { أن بورك } في كون الفعل بعد أن دعاء ، ولم يبين ذلك ابن عطية ولا الفارسي ، ويكون غضب دعاء مثل النحاة أنه إذا كان الفعل دعاء لا يفصل بينه وبين أن بشيء ، وأورد ابن عطية { أن غضب } في قراءة نافع مورد المستغرب .