التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَأَخۡذِهِمُ ٱلرِّبَوٰاْ وَقَدۡ نُهُواْ عَنۡهُ وَأَكۡلِهِمۡ أَمۡوَٰلَ ٱلنَّاسِ بِٱلۡبَٰطِلِۚ وَأَعۡتَدۡنَا لِلۡكَٰفِرِينَ مِنۡهُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا} (161)

ومن الظلم ( أخذهم الربا وقد نهوا عنه ) والربا من أشد الكبائر نكرا . وهو محرم في جميع الكتب السماوية ومنها التوراة . وإذا لم يكن لهذا التحريم أثر واضح في هذه الكتب فلا جرم أن يكون ذلك سببه التحريف أو التغيير والتبديل الذي أحدثه أهل الكتاب فيما نزل عليهم من كتب .

ومن المعلوم أن جريمة الربا أكثر ما تكون لصوقا باليهود فهم قد مردوا على هذا السحت في غابر الزمن حتى يومنا هذا ، وهم في ذلك يبتدعون مختلف الأساليب في التحيل للحصول على المال عن طريق الربا ، يحفزهم إلى ذلك رغبتهم اللحاحة في الإكثار من المال والاستزادة منه في جشع ينافي القناعة ولا يرضى بالحلال .

ومن الظلم كذلك أكلهم أموال الناس بالباطل . وذلك ظلم ؛ لكونه كسبا غير مشروع أو هو وضع للمال من استغلال واحتكار وتلاعب بأسعار ، وكذلك الرشا والميسر وأجور الفسق والفاحشة في الملاهي وبيوت الدنس والخنا حيث الزواني والزناة ، وغير ذلك من وجوه الكسب الحرام الذي يبتز من خلالها اليهود أموال الناس بالباطل .

من أجل هذه المحظورات التي ارتكبها اليهود بظلم فقد عاقبهم الله بالحرمان من طيبات كانت لهم حلالا ، مع أن الطعام كان جله حلالا : لهم . وفي ذلك يقول سبحانه : ( كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة ) ولئن كان هذا العقاب مفروضا عليهم في الدنيا فإن عذاب الآخرة أشد وأنكى وأبقى . وفي ذلك يقول عز من قائل : ( واعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما ) أي هيأنا للكافرين من بني إسرائيل عذابا مقيما يتسم بالإيلام والديمومة .