التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِمۡ وَلِقَآئِهِۦ فَحَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ فَلَا نُقِيمُ لَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَزۡنٗا} (105)

جملة هي استئناف بياني بعد قوله { هل ننبئكم } .

وجيء باسم الإشارة لتمييزهم أكمل تمييز لئلا يلتبسوا بغيرهم على نحو قوله تعالى : { أولئك هم المفلحون } [ البقرة : 5 ] .

وللتنبيه على أن المشار إليهم أحرياء بما بعد اسم الإشارة من حكم بسبب ما أجري عليهم من الأوصاف .

والآيات : القرآن والمعجزات .

والحبط : البطلان والدحض .

وقوله : { ربّهم } يجري على الوجه الأول في نون { هل ننبئكم } أنه إظهار في مقام الإضمار . ومقتضى الظاهر أن يقال : أولئك الذين كفروا بآياتنا ، ويجري على الوجهين الثاني والثالث أنه على مقتضى الظاهر .

ونون { فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً } على الوجه الأول في نون { قل هل ننبئكم } جارية على مقتضى الظاهر .

وأما على الوجهين الثالث والرابع فإنها التفات عن قوله { بآيات ربّهم ، } ومقتضى الظاهر أن يقال : فلا يقيم لهم .

ونفي إقامة الوزن مستعمل في عدم الاعتداد بالشيء ، وفي حقارته لأن الناس يزنون الأشياء المتنافس في مقاديرها والشيء التافه لا يوزن ، فشبهوا بالمحقرات على طريقة المكنية وأثبت لهم عدم الوزن تخييلاً .

وجُعل عدم إقامة الوزن مفرعاً على حبط أعمالهم لأنهم بحبط أعمالهم صاروا محقرين لا شيء لهم من الصالحات .