التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيۡهِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمٗا} (158)

لذلك كلّه أعقب بالإبطال بقوله : { بل رفعه الله إليه } أي فلم يظفروا به . والرفع : إبعاده عن هذا العالم إلى عالم السماوات ، و ( إلى ) إفادة الانتهاء المجازي بمعنى التشريف ، أي رفعه الله رفع قرب وزلفى .

وقد تقدّم الكلام على معنى هذا الرفع ، وعلى الاختلاف في أنّ عيسى عليه السّلام بقي حيّاً أوْ أماته الله ، عند قوله تعالى : { إنّي متوفّيك ورافِعك إليّ } في سورة آل عمران ( 55 ) .

والتذييل بقوله : { وكان الله عزيزاً حكيماً } ظاهر الموقع لأنّه لمّا عزّ فقد حقّ لعزّه أن يُعِزّ أولياءَه ، ولمّا كان حكيماً فقد أتقن صُنع هذا الرفع فجعله فتنة للكافرين ، وتبصرة للمؤمنين ، وعقوبة ليهوذا الخائن .