اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيۡهِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمٗا} (158)

فصل : إثبات المشبهة للجهة ودفع ذلك

احتَجَّ المُشَبِّهَةُ بقوله – تعالى - : { بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ } في إثْبَات الجِهَةِ .

والجوابُ : أن المُراد الرَّفْعُ إلى موضعٍ لا يَجْرِي فِيهِ حُكْمُ غير الله - تعالى - ؛ كقوله{[10303]} تعالى { وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ } [ آل عمران : 109 ] وقوله - تعالى - : { وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ } [ النساء : 100 ] ، وكانت الهِجْرَة في ذلك الوَقْت ، إلى المَدِينَةِ . وقال إبراهيمُ : { إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي } [ الصافات : 99 ] .

فصل : دلالة الآية على رفع عيسى عليه السلام

دلت [ هذه ]{[10304]} الآيةُ على رفع عيسى - عليه السلام - إلى السَّمَاءِ ، وكذلك قوله : { إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ } [ آل عمران : 55 ] .

ثم قال : { وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً } ، والمراد بالعِزَّة : كَمَال القُدْرَة ، ومن الحِكْمَة : كمال العلم ، نَبَّه بهذا على أنَّ رَفْعَ عيسى - عليه السلام - إلى السَّموات وإن [ كَانَ ]{[10305]} كالمتَعَذِّر على البَشَرِ ، لَكِنَّه لا بُدَّ فيه من النِّسْبَةِ إلى قُدْرَتِي وحِكْمَتِي ؛ كقوله - تعالى : { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً } [ الإسراء : 1 ] فإنّ الإسْرَاء{[10306]} وإن كان مُتَعذِّراً بالنِّسْبَةِ إلى قُدْرَة مُحَمَّدٍ ، إلا أنَّه سهل بالنسْبَة إلى قُدْرة الله - تعالى - .


[10303]:في ب: لقوله.
[10304]:سقط في أ.
[10305]:سقط في أ.
[10306]:في أ: الإسراف.