التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{إِنَّهُۥ لَقَوۡلُ رَسُولٖ كَرِيمٖ} (19)

وضمير { إنه } عائد إلى القرآن ولم يسبق له ذكر ولكنه معلوم من المقام في سياق الإخبار بوقوع البعث فإنه مما أخبرهم به القرآن وكذبوا بالقرآن لأجل ذلك .

والرسول الكريم يجوز أن يراد به جبريل عليه السلام ، وصف جبريل برسول لأنه مرسل من الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن .

وإضافة « قول » إلى { رسول } إما لأدنى ملابسة لأن جبريل يبلغ ألفاظ القرآن إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيحكيها كما أمره الله تعالى فهو قائلها ، أي صادرة منه ألفاظها .

وفي التعبير عن جبريل بوصف { رسول } إيماء إلى أن القول الذي يبلغه هو رسالة من الله مأمور بإبلاغها كما هي .

قال ابن عطية : وقال آخرون الرسول هو محمد صلى الله عليه وسلم في الآية كلها اه . ولم يُعين اسم أحد ممن قالوا هذا من المفسرين .

واستُطرد في خلال الثناء على القرآن الثناءُ على المَلَك المرسل به تنويهاً بالقرآن فإجراء أوصاف الثناء على { رسول } للتنويه به أيضاً ، وللكناية على أن ما نزل به صِدق لأن كمال القائل يدل على صدق القول .

ووُصِفَ { رسول } بخمسة أوصاف :

الأول : { كريم } وهو النفيس في نوعه . والوصفان الثاني والثالث : { ذي قوة عند ذي العرش مكين } .