فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{إِنَّهُۥ لَقَوۡلُ رَسُولٖ كَرِيمٖ} (19)

{ إنه } إن القرآن الكريم .

{ قول رسول } قاله عن الله تعالى وأرسل به جبريل ليبلغه إلى النبي .

{ كريم ذي قوة } جبريل رسول صاحب قدر معظم موقر ، وله قوة على تبليغ رسالات ربه .

{ بالخنس الجوار الكنس } بالكواكب السابحات في أفلاكها ومداراتها ، تبدو للناظرين حينا وتختفي حينا .

{ فلا أقسم بالخنس ( 15 ) الجوار الكنس( 16 ) والليل إذا عسعس( 17 ) والصبح إذا تنفس ( 18 ) إنه لقول رسول كريم ( 19 ) ذي قوة عند ذي العرش مكين ( 20 ) مطاع ثم أمين ( 21 ) وما صاحبكم بمجنون ( 22 ) } .

يحلف الكتاب الحكيم بالكواكب السابحات في أفلاكها ، الجاريات في مداراتها ، الظاهرات أحيانا والمختفيات في مساراتها أحيانا أخرى ؛ ويحلف بالليل حين يقبل ظلامه وحين ينكشف ، ومن بعده ينشق الصبح ويضيء النار ، يقسم أن القرآن كلام الله ، نزل به جبريل مقدم ملائكة السماء والمقرب عند ربه ، والمطاع بين صحبه ، والأمين على ما أنزله الله به من وحيه ، ويبين صدق النبي وفطنته فيما أخبرهم به عن الله سبحانه ؛ يقول الألوسي : { عند ذي العرش مكين } أي ذي مكانة رفيعة وشرف عند الله العظيم جل جلاله عندية إكرام وتشريع لا عندية مكان { ثم } ظرف مكان للبعيد . وفي التعرض لعنوان الصحبة مضافة إلى ضميرهم على ما هو الحق تكذيب لهم بألطف وجه ، إذ هو إيماء إلى أنه عليه الصلاة والسلام نشأ بين أظهركم من ابتداء أمره إلى الآن فأنتم أعرف به وبأنه صلى الله عليه وسلم أتم الخلق عقلا وأرجحهم قيلا ، وأكملهم وصفا ، وأصفاهم ذهنا ، فلا يسند إليه الجنون إلا من هو مركب من الحمق والجنون . اه .