القائل سليمان عليه السلام و { الملأ } المنادى جمعه من الإنس والجن ، واختلف المتأولون في غرضه في استدعاء «عرشها » فقال قتادة ذكر له بعظم وجودة فأراد أخذه قبل أن يعصمها وقومها الإسلام ويحمي أموالهم ، و «الإسلام » على هذا التأويل الدين ، وهو قول ابن جريج ، وقال ابن زيد استدعاه ليريها القدرة التي هي من عند الله وليغرب عليها ، و { مسلمين } في هذا التأويل بمعنى مستسلمين وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما{[9019]} وذكره صلة في العبارة لا تأثير لاستسلامهم في غرض سليمان ، ويحتمل أن يكون بمعنى الإسلام ، وظاهر هذه الآيات أن هذه المقالة من سليمان عليه السلام بعد مجيء هديتها ورده إياها ، وقد بعث الهدهد بالكتاب وعلى هذا جمهور المفسرين ، وحكى الطبري عن ابن عباس أنه قال هذه المقالة هي ابتداء النظر في صدق الهدهد من كذبه لما قال له { ولها عرش عظيم } [ النمل : 23 ] قال سليمان { أيكم يأتيني بعرشها } ثم وقع في ترتيب القصص تقديم وتأخير .
قال القاضي أبو محمد : والقول الأول أصح{[9020]} وروي أن عرشها كان من ذهب وفضة مرصعاً بالياقوت والجوهر وأنه كان في جوف سبعة أبيات عليه سبعة أغلاق ، وقرأ الجمهور «قال عفريت » وقرأ أبو رجاء وعيسى الثقفي «قال عفرية »{[9021]} ، ورويت عن أبي بكر الصديق ، وقرأت فرقة «قال عِفر » بكسر العين{[9022]} ، وكل ذلك لغات فيه وهو من الشياطين القوي المارد .
استئناف ابتدائي لذكر بعض أجزاء القصة طوي خبر رجوع الرسل والهدية ، وعلم سليمان أن ملكة سبأ لا يسعها إلا طاعته ومجيئها إليه ، أو ورد له منها أنها عزمت على الحضور عنده عملاً بقوله : { وأتوني مسلمين } [ النمل : 31 ] .
ثم يحتمل أن يكون سليمان قال ذلك بعد أن حطت رحال الملكة في مدينة أورشليم وقبل أن تتهيَّأ للدخول على الملك ، أو حين جاءه الخبَر بأنها شارفت المدينة فأراد أن يحضر لها عرشها قبل أن تدخل عليه ليُرِيَها مقدرة أهل دولته .
وقد يكون عرشها محمولاً معها في رحالها جاءت به معها لتجلس عليه خشية أن لا يهيىء لها سليمان عرشاً ، فإن للملوك تقادير وظنوناً يحترزون منها خشية الغضاضة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.