الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{قَالَ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡمَلَؤُاْ أَيُّكُمۡ يَأۡتِينِي بِعَرۡشِهَا قَبۡلَ أَن يَأۡتُونِي مُسۡلِمِينَ} (38)

ثم قال تعالى{[52457]} : { يا أيها الملأ أيكم ياتيني بعرشها قبل أن ياتوني مسلمين }[ 39 ] .

قال ابن عباس : كان إتيان العرش إليه قبل أن يكتب إليها . لأنه لما أتاه الهدهد فأخبره{[52458]} بملك سبأ وعرشها ، أنكر سليمان{[52459]} أن يكون لأحد سلطان في الأرض{[52460]} غيره ، فقال لمن عنده من الجن والإنس : { أيكم ياتيني بعرشها قبل أن ياتوني مسلمين قال عفريت{[52461]} من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين } قال سليمان أريد أعجل من هذا . { قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك }[ 41 ] ، وهو رجل من الإنس كان عنده علم من الكتاب فيه اسم الله الأكبر ، فدعا بالاسم ، فاحتمل العرش احتمالا حتى وضع بين يدي سليمان بقدرة الله ، فلما أتاه العرش صدق الهدهد في قوله ، ووجهه بالكتاب وكذلك روى{[52462]} الضحاك{[52463]} . وقال{[52464]} وهب بن{[52465]} منبه وغيره : بل كتب معه الكتاب قبل أن يأتيه العرش . والكلام في التلاوة على رتبته ووصل{[52466]} إليه العرش بعد رده{[52467]} الهدية . قال وهب بن منبه : لما رجعت{[52468]} إليها الرسل بالهدية ، وأعلموها بما كان من أمر سليمان{[52469]} .

وقوله : قالت : قد{[52470]} والله علمت ما هذا بملك ، وما لنا به طاقة{[52471]} وبعثت إليه إني قادمة إليك بملوك قومي حتى أنظر ما أمرك ؟ وما تدعو{[52472]}إليه من دينك ؟ ثم أمرت بسرير{[52473]} ملكها الذي كانت تجلس عليه ، وكان{[52474]} من ذهب مفصص{[52475]} بالياقوت ، والزبرجد ، واللؤلؤ فجعل في سبعة أبيات بعضها في بعض ثم أقفلت{[52476]} على الأبواب ، وكانت إنما يخدمها النساء ، معها ست مائة امرأة{[52477]} يخدمنها ، ثم قالت لمن خلفت على{[52478]} سلطانها : احتفظ بما قبلك ، وسرير ملكي فلا يخلص إليه{[52479]} أحد{[52480]} ولا ترينه{[52481]} حتى آتيك ، ثم شخصت{[52482]} إلى سليمان في اثني عشر ألف قيل ، معها من ملوك اليمن تحت يدي{[52483]} كل قيل منهم{[52484]} ألوف كثيرة ، فجعل سليمان يبعث الجن فيأتونه بمسيرها ، ومنتهاها كل يوم وليلة ، حتى إذا دنت ، جمع من{[52485]} عنده من الإنس والجن{[52486]} ثم قال : { يا أيها الملأ أيكم ياتيني بعرشها قبل أن ياتوني مسلمين{[52487]} }[ 39 ] ، أي بسريرها{[52488]} ، وذلك أنه خشي أن تسلم فيحرم عليه أخذه ، وقد وصف له ، وأعجب به{[52489]} ، فأراد{[52490]} أن يأخذه قبل إسلامها{[52491]} فيحل له . قاله{[52492]} قتادة{[52493]} .

قال قتادة : كان السرير من ذهب وقوائمه{[52494]} من جوهر مكلل باللؤلؤ{[52495]} .

وقيل : إنما فعل ذلك ليختبر عقلها به{[52496]} هل تنتبه إليه إذا رأته{[52497]} أم لا ؟ قاله ابن زيد{[52498]} .

قال ابن عباس : معنى{[52499]} { مسلمين }[ 39 ] ، طائعين أي{[52500]} مستسلمين لي{[52501]} . وقال ابن جريج : معناه قبل أن يدخلوا في الإسلام فتمتنع علي أموالهم{[52502]} . وهو قول قتادة المتقدم{[52503]} . وإنما خص{[52504]} سليمان السرير دون غيره من مملكتها لأنه أعجب به .

فعل ذلك لإعجابها به ، واحتياطها{[52505]} عليه{[52506]} ، فأراد أن يريها قدرة الله وعجزها ، وأن السبعة{[52507]} الأبيات التي قفلت عليه{[52508]} لا تنفع{[52509]} شيئا ، فيكون ذلك حجة عليها في نبوته{[52510]} .


[52457]:"تعالى" سقطت من ز.
[52458]:ز: فأخبر.
[52459]:"سليمان" سقطت من ز.
[52460]:"في الأرض" سقطت من ز.
[52461]:ز: عفريتم.
[52462]:ز: روي عن الضحاك.
[52463]:ابن جرير19/159.
[52464]:ز: وقال.
[52465]:ز: ابن.
[52466]:ز: وصل الله.
[52467]:ز: رد.
[52468]:ز: جعلت.
[52469]:ز: من المرسلين.
[52470]:ز: قل والله.
[52471]:ز: طاقة به.
[52472]:ز: تدعو.
[52473]:ز: سرير.
[52474]:ز: أو كانت.
[52475]:ز: مخصص. ع: بخصص، انظر: اللسان7/66 مادة: خصص.
[52476]:ز: أقبلت.
[52477]:"امرأة" سقطت من ز.
[52478]:"على" سقطت من ز.
[52479]:ز: يجلس عليه.
[52480]:بعده في ز: غيري.
[52481]:ز: ولا يرقد.
[52482]:ز: شخصه.
[52483]:ز: يد.
[52484]:"منهم" سقطت من ز.
[52485]:ز: ما.
[52486]:ز: من الجن والإنس.
[52487]:انظر: ابن جرير 19/160، وابن كثير 5/235.
[52488]:ز: سريرها.
[52489]:ز: وأعجبه به.
[52490]:ز: فإن أراد.
[52491]:ز: إسلامه.
[52492]:"قاله قتادة" سقطت من ز.
[52493]:انظر: ابن جرير19/160، وابن كثير 5/235.
[52494]:ز: وقوامه.
[52495]:انظر: ابن جرير19/160، وابن كثير5/235.
[52496]:"به هل" سقطت من ز.
[52497]:"رأته" سقطت من ز.
[52498]:ابن جرير19/160.
[52499]:ز: معناه.
[52500]:"أي" سقطت من ز.
[52501]:ابن جرير19/161.
[52502]:انظر المصدر السابق.
[52503]:انظر ص407 من هذا البحث.
[52504]:ز: خصص.
[52505]:ز: واحتياجها.
[52506]:"عليه" سقطت من ز.
[52507]:ز: السبع.
[52508]:"عليه" سقطت من ز.
[52509]:ز: ينتفع.
[52510]:ابن جرير19/161.