التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{قَالَ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡمَلَؤُاْ أَيُّكُمۡ يَأۡتِينِي بِعَرۡشِهَا قَبۡلَ أَن يَأۡتُونِي مُسۡلِمِينَ} (38)

ثم يحكى القرآن بعد ذلك ما طلبه سليمان - عليه السلام - من جنوده فيقول : { قَالَ ياأيها الملأ . . . } .

قال ابن كثير ما ملخصه : فلما رجعت الرسل إلى ملكة سبأ بما قاله سليمان ، قالت : قد - والله - عرفت ما هذا بملك ، وما لنا به من طاقة . . . وبعثت إليه : إنى قادمة إليك بملوك قومى ، لأنظر فى أمرك وما تدعونا إليه من دينك . . . ثم شخصت إليه فى اثنى عشر ألف رجل من أشراف قومها - بعد أن أقفلت الأبواب على عرشها - فجعل سليمان يبعث الجن يأتونه بمسيرها ومنتهاها كل يوم وليلة ، حتى إذا دنت جمع من عنده من الإنس والجن ممن تحت يده فقال : { قَالَ ياأيها الملأ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } .

أى : قال سليمان لجنوده : أى واحد منكم يستطيع أن يحضر لى عرش هذه الملكة قبل أن تحضر إلى هى وقومها مسلمين ، أى : منقادين طائعين مستسلمين لما أمرتهم به .

ولعل سليمان - عليه السلام - قد طلب إحضار عرشها - من بلاد اليمن إلى بيت المقدس حيث مقر مملكته ، ليطلعها على عظيم قدرة الله - تعالى - ، وعلى ما أعطاه - سبحانه - له من ملك عريض ، ومن نعم جليلة ، ومن قوة خارقة ، حيث سخر له من يحضر له عرشها من مكان بعيد فى زمن يسير .

ولعل كل ذلك يقودها هى وقومها إلى الإيمان بالله رب العالمين .