النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{قَالَ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡمَلَؤُاْ أَيُّكُمۡ يَأۡتِينِي بِعَرۡشِهَا قَبۡلَ أَن يَأۡتُونِي مُسۡلِمِينَ} (38)

قوله { يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَيُّكُمْ يَأَتِيني بِعَرْشِهَا } الآية . حكى يزيد بن رومان أنه لما عاد رسلها بالهدايا قالت : قد والله عرفت أنه ليس بملك وما لنا به طاقة ، ثم بعثت إليه : إني قادمة عليك بملوك قومي ثم أمرت بعرشها فجعلته في سبعة أبيات بعضها في جوف بعض وغلّقت عليه الأبواب وشَخَصَت إلى سليمان في اثني عشر ألف قيل من ملوك اليمن ، فقال سليمان حين علم قدومها عليه :

{ أَيُّكُمْ يأتيني بِعَرْشِهَا } الآية : وفيه وجهان :

أحدهما : مسلمين أي مستسلمين طائعين ، قاله ابن عباس .

الثاني : أن يأتوني مسلمين أي بحرمة الإٍسلام ودين الحق ، قاله ابن جريج .

فإن قيل : فلم أَمَرَ أنَ أن يؤتى بعرشها قبل أن يأتوا إليه مسلمين ؟

قيل عنه في الجواب خمسة أوجه :

أحدها : أنه أراد أن يختبر صدق الهدهد ، قاله ابن عباس .

الثاني : أنه أعجب بصفته حين وصفه الهدهد وخشي أن تسلم فيحرم عليه مالها فأراد أخذه قبل أن يحرم عليه بإسلامها ، قاله قتادة .

الثالث : أنه أحب أن يعاليها به وكانت الملوك يعالون بالملك والقدرة ، قاله ابن زيد .

الرابع : أنه أراد أن يختبر بذلك عقلها وفطنتها وهل تعرفه أو تنكره ، قاله ابن جبير .

الخامس : أنه أراد أن يجعل ذلك دليلاً على صدق نبوته لأنها خلفته في دارها وأوثقته في حرزها ثم جاءت إلى سليمان فوجدته قد تقدمها ، قاله وهب .